أخبار حياة – أنس الأمير – ما إن أسدل ليل أمس عباءته السوداء التي تنفح بردًا قارسًا سيبيريًا، حتى أضرم شاب نارًا لاهبة داخل عريشة مزدانة بإنارة تعمل على الطاقة الشمسية وسجاد ملون على الأرضية وكنب مرقع مختلف الألوان، يطل على ثروته من الأغنام.
وعلى رائحة دخان الدفء بدأ التوافد تباعًا والمسارعة إلى الحطب المشتعل داخل صوبة البوري واحتضانه مجازًا ثم الإفساح للغير، حتى اكتمل نصاب الاجتماع تقريبًا إذ لم يبق إلا عدد قليل لم يحضر إلى تلك العريشة الفاخرة.
لكن لكثرة المجتمعين لجت العريشة بمواضيع كثيرة واقتُسم الحديث، فخاض البعض في هدنة جنوب لبنان وشمال الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتطرق الحديث أيضًا عن حال أهل الله في غزة، والله حسيبهم، وتلك المشاهد التي يسطرها الأسود هناك.
فيما آثر آخرون الحديث عن الحال وعموميات مآلات الحياة، حتى قال أحدهم فجأة بصوت مرتفع غاضب: “لم يقبل إلا بـ 10 ليرات يومية ومطالب الشغل كثيرة، فلازم تكون مزارع وبحيش وحمّال مع بعض”. هنا، انصب تركيز الجميع على القائل ونزع البعض الفروة من ظهره وأماط اللثام عن وجهه، فمعظم الجلوس عاطلين عن العمل، وبدأت الآراء تنبلج مرتجلة لإيجاد صيغة لإتمام صفقة العمل وعدم فقدانه.
وعلى إثر ذلك قال أحدهم للأول: “إسمع خلينا نحسبها على طريقة لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم، 15 ليرة يومية كويس”. ثم عاد الذي ذهب للاتفاق يقول للجمع: “أتعرفون ما هي طبيعة الشغل؟” رد الجمع: “لا”. فأخبرهم بأنها عملية نقل مشتل ورد وأشجار زينة وحدائد وتوابعها إلى جانب أجهزة خاصة بالمشروع من على مساحة تتجاوز 1000 متر إلى منطقة أخرى.
صمت المجتمعون قليلًا يحاولون استيعاب كم المعلومات التي تدفقت لاحتساب يومية مرضية، وزاد الطين بِلة عندما أخبرهم الذي جاءهم بالاتفاق أن صاحب العمل الذي يدعي تفضيل الأردنيين على العمالة الوافدة أخطأ في إطار حديثه بأنهم طلبوا يومية قدرها 25 دينارًا.
بعد هذه اللحظة ضاجت العقول بأفكارها وبدت علامات الاستياء تكتسي محيا الشبان، لكن الأمل باتمام الصفقة لم ينضب والمقترحات تخرج تباعًا، والصيغة التوافقية بينهم مفقودة، خلال ذلك أذن الله بمناداة عبادة لصلاة العشاء، فوقفت الصفوف بين يدي ربها واختفت الضجة، وعند الانتهاء اختفى حديث “البزنس”.
• الحسبة المجتمعية ــ
يقول الخبير الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي إن نسب البطالة بين الشباب في الأردن مقلقة للغاية، حيث تسبب في معاناة وإحباط بين الشباب الذين لا يستطيعون توظيف قدراتهم.
ويرى الخزاعي في حديث لـ أخبار حياة، أن حل مشكلة البطالة في الأردن وصل إلى طريق مسدود بسبب إهمالها لمدة 40 سنة تقريبًا. يؤكد الخزاعي أيضًا أن الأرقام أظهرت رغبة نحو 48% من الذكور و39% من الإناث بالهجرة خارج الأردن.
ويشير إلى أن أصحاب العمل يستغلون حاجة المتعطلين لفرض أجور تتسق حول الحد الأدنى دون إعارة اهتمام لنوع ومتطلبات العمل لديهم.
كما يؤكد أن العمالة الوافدة أصبحت منافسة ومتوطنة، وتفرض شروطها على أصحاب العمل لأسباب كثيرة منها التنافسية بين بعضها البعض.
يذكر الخزاعي أن الحكومة أعلنت توفير نحو 90 ألف فرصة عمل، لكن عدد المسجلين في الضمان الاجتماعي لم يتجاوز 8 آلاف. يؤكد الخزاعي أن الأردني يريد العمل ولا يفرق بينه، لكن في حال كان يأتي بمنافع اقتصادية له لا أن لا يسمن ولا يغني من جوع.
وشدد على أن سوق العمل في الأردن بات بيئة طاردة للعمال وليست جاذبة.
ويفترض أن تعلن اللجنة الثلاثية المكونة من “ممثلي العمال، ممثلي أصحاب العمل، الحكومة” مبلغ الزيادة على الحد الأدنى خلال الأيام الثلاثة المقبلة، وفق وزير العمل خالد البكار.
ويشار إلى أن معدل البطالة في الربع الثاني من العام 2024 بلغ 21.4% مقداره 0.5 نقطة مئوية عن الربع الأول من عام 2023، وبثباته مقارنة مع الربع الرابع من عام 2023.
بلغ معدل البطالة للذكور 17.4% خلال الربع الأول من عام 2024 بانخفاض مقداره 2.2 نقطة مئوية، فيما بلغ معدل البطالة بين الإناث 34.% خلال الربع الأول من عام 2024 بارتفاع مقداره 4.0 نقطة مئوية.