المقاومة في جباليا.. بسالة لا تعرف الخوف وصمود أفشل رهان العدوّ

أخبار حياة – مع اشتداد القصف الإسرائيلي على شمال غزة، في عدوان وحصار مكثفَين منذ 80 يومًا، لا سيما مدينة ومخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا، تشتد حدّة المقاومة بشكل مذهل وبكل الأدوات المتاحة، وذلك على الرغم من أن العدوان الإسرائيلي قد حوّل شمال غزة إلى أثر بعد عين، ولم يعد أي مكان فيها صالحًا للبقاء، إلا أن المقاومة ما زالت تظهر بسالة منقطعة النظير، لدرجة أن مشهد حمل الجنود الإسرائيليين بين قتيل وجريح يتكرر بشكل يومي.

ويُعدّ مخيم جباليا، من أكبر مخيمات اللاجئين في قطاع غزة، يعكس بتاريخه وواقعه صورة مصغرة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. يشير المحللون إلى أن العمليات التي تنطلق من جباليا ليست وليدة اللحظة، بل تعكس جذور النضال الفلسطيني المتأصلة في المخيمات منذ النكبة عام 1948.

“نحن الذين كنا نُمشّي (نطارد) الدورية الإسرائيلية في معسكرنا هنا (جباليا)، بالشقلوب”.. كانت هذه إحدى التعبيرات من داخل معسكر جباليا، للشهيد القائد نزار ريان، والذي استشهد في أولى الحروب التي خاضتها المقاومة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي 2008- 2009، في دلالة على بسالة أهل جباليا وما يمثلونه من صمود أسطوري في مواجهة المحتل، ومما قاله الشهيد ريان: “كما مرّغنا أنفك في أسدود، سنمرّغ انفك في جباليا”.

444 يومًا من الحرب المسعورة على قطاع غزة، كانت كفيلة بإنهاء وجود المقاومة بشكل كامل -وفق التقديرات الإسرائيلية والأمريكية- إلا أن جنود “القسام” و”سرايا القدس” في جباليا يثبتون كل يوم أن هذا التقدير لن يرى تطبيقًا في الواقع، حتى ولو قُتل آلاف المجاهدين، وحتى لو نفدت الأسلحة المعتادة، وهذا ما عبّرت عنه الكتائب في شكل عملياتها الأخيرة، والتي كان من بينها عمليات طعن وعملية استشهادية، في دلالةٍ قرأها البعض على أنها مؤشرٌ لنفاد الأسلحة التي تستخدمها القسام منذ بدء الحرب، ومع ذلك لم تقلّ خسائر العدو اليومية، بل ازدادت بغض النظر عما في أيدي المقاومة من إمكانات.

وأعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أمس الأحد، عن استهداف قوة إسرائيلية قوامها 9 جنود تحصّنت داخل أحد المنازل بقذيفة “TBG” غرب مخيم جباليا شمال القطاع، مؤكدة إيقاع أفرادها بين قتيل وجريح. كما أعلنت، تدمير ناقلة جند للاحتلال بعبوة “العمل الفدائي” في منطقة العلمي وسط مخيم جباليا شمال قطاع غزة.

وأضافت الكتائب أنه تم “قنص ضابط صهيوني في شارع أبو العيش وسط مخيم جباليا شمال القطاع”، كما قالت إنها استهدفت ناقلة جند إسرائيلية، ثانية، بعبوة “العمل الفدائي” غرب مدينة بيت لاهيا شمال القطاع.

ويوم الجمعة الماضي أعلنت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- عن تنفيذها عملية معقدة في مخيم جباليا؛ حيث قام أحد مجاهديها بالتقدم نحو قناص إسرائيلي ومساعده، والإجهاز عليهما طعنًا بالسكين، مضيفة أن المجاهد ارتدى زي أحد القتيلين، وبعد ساعة من العملية تقدم نحو قوة إسرائيلية مكونة من 6 أفراد، ليقوم بتفجير نفسه فيها بواسطة حزام ناسف، ليوقع أفرادها بين قتيل وجريح.

وأعلنت “القسام” يوم السبت الماضي، على موقع قناتها على “تيلغرام”، أن مقاتليها تمكنوا من تنفيذ عملية مُركبة، واستطاعوا الإجهاز على ثلاث جنود إسرائيليين طعنًا بالسكاكين، واغتنام سلاحهم الشخصي، ثم اقتحام منزل تحصنت به قوة راجلة، والإجهاز على جنديين من أفرادها عند بوابة المنزل.

وأمس الأحد، قالت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- إن أحد استشهادييها الأبطال تمكن من اقتحام ناقلة جند صهيونية وتنفيذ عملية نوعية بتفجير عبوة العمل الفدائي وسط الجنود بداخلها المتوغلين عند مدخل أبراج العودة في عزبة بيت حانون.

https://twitter.com/TurkiShalhoub/status/1870551311273373978

يقول المحلل العسكري اللواء فايز الدويري، إن “المسافة صفر” هي الفرصة الذهبية للمقاومين في مواجهتهم مع قوات الاحتلال، نظرا للفارق الكبير بين عتاد جيش الاحتلال ذي الإمكانيات العالية، وبين السلاح الذي يقوم المجاهدون بتصنيعه محليًّا، مضيفًا أنه كلما ازدادت كثافة العدوان البري والاقتحامات الإسرائيلية لمناطق القطاع كلما ازدادت فرصة المقاومة للاشتباك المباشر مع القوات المعادية.

ومنذ بدء معركة طوفان الأقصى، أظهر المقاومون أبرز الأسلحة التي يستخدمونها في استهداف العدو الإسرائيلي، والتي منها قذائف الياسين 105 وقذائف التاندوم، وسلاح القنص، وعبوات شواظ، بالإضافة إلى الأسلحة الرشاشة، إلا أن الجديد الذي برز خلال الأيام الأخيرة هو سلاح الطعن بالسكين واستخدام الحزام الناسف لتنفيذ عمليات استشهادية، مما يعطي دلالة على أن أسلحة المقاومة لم تعد في المتناول كام في السابق، نظرًا للحصار المحكم الذي يفرضه الاحتلال، وكثافة العمليات التي ينفذها المقاومون، الأمر الذي أدى إلى نفاد مخزون الأسلحة لدى الكتائب.

العمليات البطولية التي يقوم بها المقاومون في شمال غزة منذ 80 يومًا أسفرت عن مقتل أكثر من 70 جنديًّا وضابطًا في قوات الاحتلال، في مخيم ومعسكر جباليا وحدها، من بينها تفجير أكثر من 100 آلية عسكرية، و17 عملية قنص، و26 اشتباك مع قوة راجلة.

وفي مقابلة أجرتها صحيفة يديعوت أحرونون العبرية مع أحد الضباط في جيش الاحتلال، قال إن المواجهة في شمال غزة تكون عبر الأزقة مواجهة وجهًا لوجه مع مقاتلين لا يعرفون الخوف ولا المهابة ولا يخشون الموت ويرفضون أن يتعرضوا للاعتقال.

ومن جهته يرى اللواء ركن محمد الصمادي أن دلالة عمليات الطعن والعمليات الاستشهادية في جباليا تؤكد أن المقاومة متماسكة وقوية، وتتكيف حسب المستجدات القتالية، وتقوم بعمليات كر وفر، وتنفذ العمليات من خلال مجموعات صغيرة، ومنها عمليات الذئب المنفرد الذي يقوم به أحد المجاهدين ضد قوات الاحتلال موقعًا في صفوفهم القتلى والجرحى.

ويضيف الصمادي في مقابلة مع شبكة الجزيرة أن المقاومة في شمال غزة أوقعت 17 قتيلاً من خلال عمليات قنص، وأن المقاتل الواحد في فصائل المقاومة يمكنه قتل مجموعة أفراد في قوات الاحتلال، مشيرًا إلى ان الاحتلال يعاني من ضعف في الروح المعنوية لدى مقاتليه، ويعاني كذلك من فشل استخباراتي في معرفة تكتيكات المقاومة.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

طقس بارد نسبيا اليوم

أخبار حياة – تشير التوقعات الجوية ليوم الاثنين إلى أجواء باردة نسبيًا فوق المرتفعات الجبلية العالية، فيما تكون دافئة نسبيًا في الأغوار والبحر الميت والعقبة.

إقرأ المزيد »

محليات