أخبار حياة – “في حد عايش، في حد سامعني”.. ليس نداءً للإنسانية التي أصمّت آذانها وأغمضت عيونها منذ السابع من أكتوبر، عن كل الوحشية والبربرية التي يمارسها الاحتلال ضد أهل قطاع غزة، لكنّه نداء أبٍ مكلوم ينادي من أعماق فؤاده المجروح، لعل رجع الصدى يعود له بخيط من أمل فيسمع صوت أي فردٍ من عائلته التي أصبحت أثرًا بعد عين، تحت ركام بيتهم الذي دمرّه الاحتلال بالقصف على رؤوس ساكنيه.
نداءٌ يزلزل القلوب، ويخطف المشاعر والأحاسيس، وينفجر مثل قنبلة قهر بوجه الخذلان والعجز العربي والإسلامي والعالمي، يتردد صداه في أذن الشهداء تحت الأنقاض وفي أسماع موتى الضمير في العالم الظالم: “حد سامع، حد سامع، حد سامعني، يا رب، يا رب، يا رب، ما إلنا غيرك يا رب، يا رب ما إلنا غيرك يا رب”.
مشهد الوالد المفجوع، ودموعه التي لم يستطع حبسها، ورفع الدعوى إلى السماء بعد أن ضاقت الأرض وعزّ النصير، يتكرر في غزة كل يومٍ عشرات المرات دون أن يحرك العالم ساكنًا أمام قوافل الشهداء الذين رحل منهم عشرات الآلاف تاركين خلفهم حكايا الفقد والألم يتجرعها أحبابهم بمرارة الحرمان والقهر والعجز، أمام آلة الإجرام الصهيوني التي لم ترحم صغيرًا ولا كبيرًا ولا امرأة ولا شابًا، ولا ألقت بالا للعالم أجمع.
#شاهد | "في حد عايش.. في حد سامعني".. مقطع يدمي القلب لشاب ينادي على عائلته تحت الركام بعد قصف منزلهم بحي الزيتون بغزة pic.twitter.com/Ao4Va11XSw
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) December 26, 2024
بدماء الشهداء سنحيا وننتصر
صورة أخرى ومشهدٌ مروعٌ آخرٌ اليوم تم تداوله على نطاق واسع لأبٍ من غزة رابط الجأش، متحاملٍ على ألمه ووجعه، وهو يحمل فلذة كبده “شهيدًا” بين يديه، متشبثُا بالصبر والأمل رغم مرارة الفقد.
يقول بحروف يجرحها الألم: “هذا متوقع من اليهود قتلة الأنبياء، هؤلاء ليسوا ناس بل جبناء، والله لتزولوا والله سننتصر رغم أنفك يا نتنياهو، أقسم بالله ما أقول زلل إلا النصر سيكون قريب، والله دماء الشهداء ما تروح هدر، والله بدمائهم سوف نحيا في الدنيا وفي الآخرة”.
رُضّع غزة يقضون من البرد
وبين أبٍ يبحث عن شهداء عائلته ليضمهم ضمّة الوداع، وآخر يحمل قرة عينه بين ذراعيه شهيدًا، لا تتوقف فصول المأساة فالعائلات الغزية ذاقت كل أصناف الفقد والوجع، ومن لم يمت بالقصف وتحت الأنقاض، رحل من شدة البرد القارس، حيث استُشهد أربعة رضع في قطاع غزة، صباح اليوم الخميس، بسبب البرد وانخفاض درجات الحرارة خلال 48 ساعة في غزة.
وحسب مصادر طبية، تتراوح أعمار الشهداء الأربع من الأطفال حديثي الولادة بين 4-21 يوما، مشيرة إلى أن انعدام الأمن الغذائي بين الأمهات أدى إلى حالات مرضية جديدة بين الأطفال.
#شاهد
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) December 26, 2024
"بدمائنا سننتصر بإذن الله"
كلمات فلسطيني ارتقى طفل من عائلته في قصف الاحتلال شرق غزة. pic.twitter.com/ESXCeq8zaX
ويعيش 90% من سكان قطاع غزة للعام الثاني على التوالي، حياة مأساوية داخل خيام في مختلف مناطق قطاع غزة، حيث ليلهم مثل نهارهم، لا ماء ولا طعام ولا أدوية ولا تدفئة تحمي أجسادهم من قساوة برد الشتاء.
استشهاد طفلة رضيعة نازحة؛ بسبب البرد القارس، في مواصي خانيونس جنوب قطاع غزة. pic.twitter.com/Fov4HeBDuv
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) December 20, 2024
وبدعم أميركي، يشن الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، خلفت أكثر من 153 ألف شهيد وجريح، وحوالي 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل في البنية التحتية، ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
عاجل | وزارة الصحة بغزة:
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) December 26, 2024
استــــشهاد 4 أطفال حديثي الولادة؛ بسبب البرد خلال 72 ساعة، مع استمرار النزوح وحصار الاحتلال وعدوانه. pic.twitter.com/YSSJFp0bSh
ولا يزال آلاف الشهداء والجرحى لم يتم انتشالهم من تحت الأنقاض؛ بسبب تواصل القصف وخطورة الأوضاع الميدانية، في ظل حصار خانق للقطاع، وقيود مشددة على دخول الوقود والمساعدات الحيوية العاجلة، لتخفيف الأوضاع الإنسانية الكارثية.