البرد القارس يفاقم معاناة النازحين في خيام التهجير بغزة

أخبار حياة – بعد استهدافهم قنصًا وحرقًا وقصفًا، وبكل ألوان الموت والقتل، يواجه النازحون في قطاع غزة خطر الموت نتيجة موجات الصقيع التي تجتاح خيامهم مع دخول فصل الشتاء، لنقص الحاد في المستلزمات والأغطية والملابس الشتوية.

ووفق مصادر طبية لمراسلنا فإن 5 مواطنين منهم 4 أطفال توفوا جراء البرد الشديد داخل الخيام، التي اضطروا للسكن فيها بعد تدمير قوات الاحتلال منازلهم وتهجيرهم منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في السابع من أكتوبر 2023.

الشتاء الثاني

وللعام الثاني تواليا، يقضي النازحون فصل الشتاء داخل خيام مصنوعة من القماش والنايلون، ما سبّب اهتراءها حتى أصبحت غير صالحة للاستخدام. ومع انعدام توفر وسائل التدفئة، عانى النازحون داخل الخيام مضاعفات صحية كألم في العظام والمفاصل ونزيف الأنف.

المواطن إبراهيم الأسطل يقول لمراسلنا إنه وزوجته وأطفاله لا يستطيعون النوم جراء شدة الرياح التي تكاد تقتلع خيمتهم، علاوة على موجات البرد التي تنهش أجسادهم التي يقتلها الحرمان والجوع.

روتيني اليومي
أستيقظ مبكرا، الساعة السادسة صباحا، أصلي، أطالع مجموعات الوتساب، ومواقع الأخبار لمعرفة تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة، بهدف الاطمئنان على عائلتي، وسير الأحداث.
ثم أتناول طعام الإفطار، وأتوجه إلى عملي بالباص، أمضي هناك 7 ساعات، ثم أعود.
أتناول العشاء مع عائلتي، ثم أمضي بعض الوقت في متابعة الأخبار، والاطلاع على بعض الدراسات الإعلامية، وعند الساعة 11 مساء أعود للنوم.

يؤكد الأسطل أن البرد قاسِ جدًا، يقول: “لا ننام، ولا يوجد لدينا أغطية ولا ملابس شتوية، القصف حرق كل ما نملك، وبقينا في خيام بالية لا تقينا حر الصيف ولا برد الشتاء”.

أجواء باردة في المواصي

وفي مواصي خان يونس ينزح مئات الآلاف من المواطنين في أوضاع قاسية جدًا، ومعها تتفاقم أوضاعهم المعيشية، فلا حياة، ولا غذاء، ودفء.

ومنذ أيام يتعرض قطاع غزة لموجة صقيع قاسية، انخفضت معها درجات الحرارة بشكل قياسي، حتى بات سكان الخيام يطلقون على خيامهم “ثلاجات الموت”.

ووفق دائرة الأرصاد الجوية فإن قطاع غزة سيكون محطة أمطار شاملة من مساء الاثنين ولمدة يومين، وسط خطر حقيقي يتهدد خيام النازحين.

وتهب بين الفينة والأخرى رياح شديدة جدًا، ومعها تقتلع الخيام من الأرض، فيصبح سكانها في العراء، لا شيء يحميهم، ولا حتى يستر ألمهم ووجعهم المسكون بآلاف العبرات والتنهيدات، وبكاء الأطفال.

غرق الخيام

وفجر اليوم السبت، غرقت العشرات من خيام النازحين بمياه الأمطار الغزيرة التي هطلت على القطاع بالتزامن مع منخفض جوي جديد، في حين أكد نازحون لمراسلنا أن الرياح الشديدة تسببت بتضرر خيامهم وتطاير بعضها.

وعلاوة على ذلك، يفشل الآباء والأمهات في توفير الدفء لأطفالهم، يقول المواطن محمود أبو خماش إنه يشعل النار من الأوراق والبلاستيك في محاولة لتدفئة أطفاله، رغم أنه يعرف مدى ضررها على صحتهم، وخطورتها على الخيمة البلاستيكية المهترئة.

إلى جانب ذلك، يواجه النازحون مأساة أخرى تتمثل بغرق خيامهم ومستلزماتهم القليلة المتوفرة لديهم بمياه الأمطار ما يضاعف من معاناتهم التي خلفتها الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. ويتركز وجود هؤلاء النازحين في منطقة المواصي الممتدة على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط من جنوب مدينة دير البلح وسط القطاع وحتى شمال مدينة رفح جنوبي القطاع.

هذه المنطقة المقدرة بخمس مساحة قطاع غزة، لجأ إليها على مدار أشهر الإبادة مئات آلاف النازحين، وفق معطيات نشرتها منظمة المساعدة الإنسانية الدولية “أوكسفام” في حزيران الماضي.

وعانى النازحون في هذه المنطقة الرملية ظروفاً معيشية صعبة للغاية وسط نقص إمدادات المياه والغذاء ومستلزمات الحياة الأساسية. وبحسب تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن عدد النازحين في قطاع غزة بلغ نحو مليونين من أصل 2.4 مليون يقطنون في القطاع.

أزمة إنسانية مأساوية

وفي الأثناء، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إنَّ 81% من النازحين يعيشون أزمةٍ إنسانية مأساوية تُهدد بموت الآلاف منهم بفعل اهتراء خيامهم وموجات الصقيع الشديدة التي تضرب القطاع، حيث يعيش النازحون ظروفاً قاسيةً تسببت خلال الأيام الماضية بوفاة خمس حالات بسبب البرد القارس وتدمير الاحتلال للقطاع الإسكاني.

وأوضح الإعلام الحكومي في بيان اليوم السبت، أنَّ مليوني نازح يعيش منذ أكثر من سنة كاملة في خيام مصنوعة من القماش، باتت غير صالحة للاستخدام بفعل عوامل الزّمن والظّروف الجوية، مبينا أن 110 آلاف خيمة من أصل 135 ألف خيمة أصبحت خارج الخدمة، أي ما نسبته 81% من الخيام قد تدهورت بالكامل.

وشدد على أن الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه المواطنون، هو نتيجة مباشرة لجريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث دمّر مئات آلاف المنازل بشكل كامل، وأجبرهم على النزوح والعيش في خيام تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة.

وأكد الإعلام الحكومي على هذه الأزمة الإنسانية العميقة مستمرة على مرأى ومسمع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأممية دون أن يُحرّكوا ساكناً، “ودون أن نرى خطوات عملية لتجاوز هذه الأزمة الإنسانية الخطيرة التي تودي بحياة النازحين والمواطنين”.

وحمل الإعلام الحكومي الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بفعل ممارساته الإجرامية المستمرة، وكذلك الإدارة الأمريكية والدول التي دعمت وشاركت في الإبادة الجماعية مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا.

وطالب المجتمع الدولي بالتَّحرك الفوري وممارسة دوره الفعلي للضغط على الاحتلال “الإسرائيلي” من أجل وقف جريمة الإبادة الجماعية، ووقف ممارساته العدوانية وضمان توفير الدعم اللازم لإغاثة المتضررين وفي مقدمة ذلك توفير مأوى لكل أسرة فلسطينية.

كما ناشد الدول العربية والإسلامية وجميع الجهات الإنسانية والدولية بضرورة التحرّك العاجل لإنقاذ المدنيين في قطاع غزة، وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم من مأوى، وغذاء، ودواء، بما يضمن كرامتهم الإنسانية ويحفظ أرواحهم من برد الشتاء وموجات الصقيع الشديدة.

وأكد الإعلام الحكومي أن هذه المأساة تتطلب وقفة جادة من جميع الأطراف في العالم لتحمّل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني، مشددًا على أن صمت العالم على هذه المعاناة يمثل تواطؤًا مع الظلم واستمرارًا لمأساة إنسانية لا يمكن قبولها.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات