إستراتيجية للتعامل الاقتصادي مع سورية

مالك العثامنة

يحتاج الأردن بكل قواه ومستوياته الرسمية والأهلية إلى رؤية استراتيجية مبنية على التحليل الواقعي لموازين القوى، استراتيجية في التعامل الاقتصادي مع سورية الجديدة، والتركيز على التكامل الاقتصادي مع سورية، بدلًا من النظر إليها فقط كسوق، لضمان استدامة العلاقات الاقتصادية في المستقبل.

هذه الرؤية لا تكون بقرار حكومي فردي، ولا رؤية مبتكرة أحادية، بل علينا تشكيلها بجلسة حوار شامل تنظمها الحكومة أو هيئة من الهيئات الاقتصادية الأهلية مثل غرف التجارة والصناعة وبرعاية حكومية داعمة لوضع أسس واقعية ومنطقية يعمل فيها الجميع كفريق واحد.

سورية كانت تحت حصارين، حصار نظام مستبد حبس شعبه وحبس عنه كل ما في جديد في العالم، وحصار “مقتلة” أهلية بسبب ذلك النظام المستبد نفسه.

مما يعني أن هناك فرصا ضخمة سيسعى إليها الجميع بمن فيهم السوريون لتعبئة كل هذا الفراغ الاقتصادي الهائل في دولة يعرف عن شعبها مهارته التجارية وقدرته على الاستيعاب.

ما حدث في سورية خراب ودمار هائل، وإعادة إعمار سورية مطلب أمني وسياسي حيوي لضمان الأمن الإقليمي في عمقه، وهو أيضا مطلب اقتصادي سيجذب استثمارات هائلة في بلاد مواردها الطبيعية وفيرة وقدراتها البشرية مجبولة على المهارة والإبداع. لكن الحرب فرضت على السوريين أن يحتاجوا المساعدة والعون في إعادة الإعمار المطلوبة.

بالإضافة إلى الحوار المذكور أعلاه، لا بد من إنشاء لجنة وطنية لدراسة فرص إعادة الإعمار في سورية، تضم خبراء اقتصاديين، ومسؤولين حكوميين، وممثلين عن القطاع الخاص في قطاعات المقاولات والبناء والكهرباء والمياه والبنى التحتية، هناك شركات دولية وإقليمية عملاقة ستنافس، ولنكن متواضعين في التقييم ونقر أننا لن ننافس العالم ولا الإقليم بشراسة، لكن لدينا جغرافيتنا السياسية التي تجعل من الأردن مقرا أساسيا لكل عمليات إعادة الإعمار والخدمات اللوجستية.

هذا كله لا يكون بقرار ارتجالي رسمي، بل لا بد من تهيئة وتجهيز موضوعي ومنهجي تنتجه جلسات حوار غير كثيرة ولا طويلة، ولا تحتمل التأجيل كذلك، وربما يساعد فيه حضور ذوات وشخصيات سورية اقتصادية وصناعية كانت قد اختارت الأردن مقرا لنشاطاتها طوال سنوات “الأزمة”.

ليس الأمر معقدا ولا يحتاج إلى كثير من التفكير، لدينا قاعات للمؤتمرات بكل الأحجام من عمان إلى البحر الميت، ولدينا هيئات ومؤسسات وقطاعات اقتصادية وإنشائية وصناعية لديها خبرات كبيرة، ولدينا عقول اقتصادية وأصدقاء سوريون ومؤسسات مالية ( مستفيدة بلا شك) يمكن لها ان ترعى فعالية لا تحتاج أكثر من يومين من النقاشات المكثفة، كل ما نحتاجه توجيه حكومي من لدن رئيس الحكومة والوزراء ذوي العلاقة لتحويل ذلك إلى حقيقة وواقع.

هذا أجدى لنا في الأردن وأكثر نفعا لسورية من كل جعجعات التحليل السياسي والأمني التي وصلت حد ما بعد الإشباع.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

بين لجنتين وعقدين

أخبار حياة- أما اللجنتان، فهما «اللجنة الملكية – الأردن أولاً»، و»اللجنة الملكية لتحدث المنظومة السياسية»، وبينهما فاصل زمني، لا يقل عن عقدين من الزمان. في

إقرأ المزيد »

محليات