د. رامي شاهين
في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية العالمية، أصبحت تقنية التوكنيزيشن (Tokenization) محورًا رئيسيًا في إعادة تشكيل الاقتصادات وتمويل المشاريع، سواء في إعادة إعمار المناطق المتضررة أو بناء مدن ذكية مستقبلية. الإمارات العربية المتحدة، بتجاربها الرائدة، قدمت نموذجًا ناجحًا يمكن للدول الأخرى الاستفادة منه لتجاوز التحديات وتحقيق التنمية المستدامة.
نجاح الإمارات في التوكنيزيشن: نموذج يُحتذى به
الإمارات أثبتت أنها رائدة عالميًا في تبني التوكنيزيشن وتطبيقه على مشاريع ضخمة. من خلال تحويل الأصول العقارية والبنية التحتية إلى رموز رقمية قابلة للتداول، استطاعت الدولة جذب استثمارات عالمية وتعزيز الشفافية في إدارة المشاريع.
مشاريع مثل “نيوم” و”مدينة مصدر” هي أمثلة واضحة على نجاح الإمارات في استخدام التوكنيزيشن. هذه المشاريع اعتمدت على تقسيم الأصول إلى رموز رقمية تُعرض على منصات استثمارية، مما أتاح للمستثمرين العالميين المشاركة بسهولة في تطوير مدن ذكية ومستدامة. بفضل هذا النهج، تمكنت الإمارات من تحقيق تقدم كبير في البنية التحتية وجذب رؤوس الأموال مع تقليل الاعتماد على التمويل التقليدي.
إعادة إعمار غزة وسوريا: تطبيق التوكنيزيشن على أرض الواقع
تواجه دول مثل غزة وسوريا تحديات كبرى في إعادة إعمار بنيتها التحتية المتضررة بسبب الحروب والنزاعات. نقص التمويل وسوء الإدارة الاستثمارية يعوقان تنفيذ المشاريع التنموية. هنا تأتي تجربة الإمارات كنموذج يمكن تطبيقه في هذه الدول.
في غزة: يمكن استخدام التوكنيزيشن لتحويل مشاريع إعادة الإعمار، مثل بناء مدارس ومستشفيات، إلى رموز رقمية تُعرض على منصات استثمارية عالمية. هذا سيتيح للمستثمرين الأفراد والشركات المساهمة بشكل مباشر في إعادة بناء البنية التحتية، مع ضمان الشفافية والكفاءة.
في سوريا: المدن التاريخية مثل حلب ودمشق يمكن إعادة إعمارها من خلال تقسيم المشاريع إلى رموز استثمارية. يمكن للمجتمع الدولي المشاركة في ترميم المباني الأثرية وتطوير البنية التحتية عبر الاستثمار في الرموز الرقمية، مما يسرّع عمليات الإعمار ويضمن إدارة أفضل للموارد.
تمويل المشاريع التنموية: الحل الإماراتي لمشكلة نقص التمويل
واحدة من أبرز التحديات التي تواجه دول العالم هي نقص التمويل للمشاريع الكبرى، خاصة في الدول المتضررة. الإمارات قدمت نموذجًا مبتكرًا من خلال تطبيق التوكنيزيشن في مشروعاتها التنموية. هذه التجربة يمكن أن تكون خارطة طريق للدول الأخرى، حيث يمكن تحويل أصولها غير المستغلة إلى أدوات استثمارية جاذبة.
حقائق صادمة: تأثير التوكنيزيشن عالميًا
- 80% من الأصول الملموسة عالميًا غير مستغلة بشكل كامل. الإمارات نجحت في استغلال هذه الأصول عبر تقنيات التوكنيزيشن.
- 40% من المشاريع التنموية عالميًا تعاني من نقص التمويل أو سوء الإدارة. التوكنيزيشن، كما طبقته الإمارات، يقدم حلاً مستدامًا لهذه المشكلة.
- المستثمرون الصغار لديهم فرص محدودة في الأسواق التقليدية. التوكنيزيشن يجعل الاستثمار متاحًا للجميع.
الخاتمة: رؤية مشتركة لمستقبل أكثر استدامة
التجربة الإماراتية في تطبيق التوكنيزيشن تُعد نموذجًا رائدًا يُظهر كيف يمكن للتكنولوجيا أن تعيد تشكيل الاقتصادات وتحقق التنمية المستدامة. سواء كان الهدف إعادة إعمار غزة وسوريا أو بناء مدن ذكية، فإن التوكنيزيشن يمثل أداة قوية لتحويل التحديات إلى فرص.
من خلال الجمع بين الابتكار التقني والإدارة الرشيدة، أثبتت الإمارات أن التوكنيزيشن ليس مجرد تقنية، بل رؤية استراتيجية لمستقبل قائم على الشفافية والابتكار والاستدامة. هذه التجربة تمثل خارطة طريق للدول الأخرى الساعية لتحقيق قفزات نوعية في إعادة الإعمار والتنمية.