شفيق يكتب.. إنه انتصار

منير شفيق

إن من يرفضون اعتباره انتصارا، يتوزّعون على عدة اتجاهات: البعض يسيئهم أن تنتصر المقاومة على الكيان الصهيوني. والبعض، ربما، عن حسن نيّة، لا يستطيع أن يتصوّر إمكان الانتصار العسكري على جيش متفوّق متوحّش، مدعوم من أمريكا، دعما كاملا. والبعض يخطئ في المعيار الذي يحكم فيه على هذا الانتصار، بسبب ما تعرّض له قطاع غزة من جرائم بشرية، وتدمير شبه كامل. فكيف يعتبر أن ثمة انتصارا، مع ضخامة ما ارتقى من شهداء وأُصيب من جرحى؟

‏هذه الاعتبارات كلها تتساقط، لتهافتها أمام فشل جيش الكيان الصهيوني، وأمريكا في تحقيق أي هدف من الأهداف الرئيسة، في إعلان تلك الحرب، وهي:

‏1 ـ القضاء على المقاومة في غزة من كتائب القسام وسرايا القدس

‏2 ـ إطلاق الأسرى بالقوّة.

‏3 ـ تهجير مئات الألوف إلى سيناء.

‏الشيء الوحيد الذي حقّقه الجيش الصهيوني، هو الإبادة الإنسانية والتدمير الشامل الفظيعين والإجراميين.

‏من المعيب اعتبار هذا البُعد، بمثابة “انتصار” عسكري أو “إنجاز”، لنتنياهو. وذلك بالرغم مما سبّبه من ضحايا وعذابات، لا مثيل لهما في العصر الحديث.

‏إن ما تضمّنه الاتفاق من بنود، يناقض كل ما طرحه نتنياهو من أهداف للحرب، بما في ذلك ما سبق وأسمي باليوم التالي. وكان هذا فشلا آخر لنتنياهو وبايدن، في ما سعيا إليه من حرب عدوانية، دامت 470 يوما، بساعاتها، ولياليها، وأيامها القاسية على الاحتمال البشري، بما يفوق كل قسوة أخرى.

‏إن اليوم الأخير القادم، يوم الأحد 19/1/2025، يسجّل أولا، هزيمة عسكرية وسياسية، لما وضعه نتنياهو وبايدن، لحرب الإبادة في قطاع غزة، من أهداف، ويسجّل انتصارا لمقاومة تقاتل في شمال القطاع، كأنها ما زالت في أيامها الأولى بعد 7 أكتوبر 2023، وتستقبل “اتفاقا” فرضته عسكريّا، قبل أن تفرضه سياسيّا وأخلاقيّا وإنسانيّا.

‏وهنا لا يجب أن يُسجّل كفشل لنتنياهو، ومن شاركه وسانده فحسب، وإنما أيضا، كجريمة أخلاقية وإنسانية من جهة. ولكنها من جهة أخرى، مثلت انتصارا للحق الفلسطيني المُطلق في كل فلسطين، مقابل هزيمة للمنطق الصهيوني ودعايته.

‏نعم، مرة أخرى، إنه انتصار للمقاومة والشعب والإنسانية جمعاء، حين يذهب نتنياهو وشركاه إلى التوقيع على هذا الاتفاق، مُجبرين غير مخيّرين. وهو ما كان ليحدث، لولا خوفهم من ترامب الذي أصرّ عليه. بل أمر نتنياهو على الرضوخ له. وهذه حقيقة أخرى، تؤكد بأن نتنياهو خرج من هذا الاتفاق مهزوما ذليلا، رغم محاولته الظهور بعكس ذلك.

‏من حق الشعب الفلسطيني أن يرفع شارات النصر، بقوّة، أمام هزيمة نتنياهو، وهو يوقّع على الاتفاق، الأمر الذي يشكّل صفعة تاريخية له، فيما هو يُهدّد بتغيير خرائط ما يسمّونه (زورا) “الشرق الأوسط”. وقد جرّ وراءه من راحوا يبشّرون بعصر أمريكي صهيوني قادم.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات

من غنيمات إلى الحكومة

أخبار حياة – دعت الوزيرة السابقة، جمانة غنيمات، الخميس، الحكومة، إلى التقاط الرسائل التي تضمنتها كلمة الملك، خلال اجتماع “أجندة دافوس”، الذي يعقده المنتدى الاقتصادي

إقرأ المزيد »