د. رايه خليفات
العطاء قيمة إنسانية سامية تُبرز أسمى معاني التراحم والتكافل. إنه فعل ينطلق من القلب ليصل إلى القلوب، حاملاً معه الخير والسعادة لكل من يُقدمه ويستقبله. فالعطاء لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يشمل الوقت والجهد والكلمة الطيبة، وهو ركيزة أساسية تبني المجتمعات وتمنحها القوة والانسجام.
للعطاء تأثير عميق على الفرد، إذ يمنحه شعورًا بالرضا والطمأنينة. حين يعطي الإنسان من وقته أو ماله أو جهده، فإنه يحقق معنى وجوده ويشعر بأنه جزء فاعل في حياة الآخرين. الدراسات النفسية تؤكد أن الأشخاص الذين يمارسون العطاء يشعرون بسعادة أكبر واستقرار نفسي أفضل مقارنة بغيرهم.
كما يعزز العطاء ثقة الإنسان بنفسه، إذ يدرك أنه قادر على إحداث تغيير إيجابي في حياة الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، فإن العطاء يفتح أبواب البركة والتوفيق في حياة الفرد، ويخلق روابط قوية بينه وبين من حوله.
المجتمع الذي يتبنى العطاء ثقافة وسلوكًا يكون أكثر تماسكًا وقوة. فالعطاء يُخفف من معاناة الفقراء والمحتاجين، ويقلل من الفجوة الاجتماعية بين الطبقات المختلفة. كما يعزز العطاء قيم التعاون والتكافل، مما يؤدي إلى بناء مجتمع متماسك يستطيع مواجهة التحديات بشجاعة.
عندما يشارك الجميع في العطاء، يصبح المجتمع أكثر انسجامًا وسلامًا. وتتحول الأزمات إلى فرص للتضامن والعمل المشترك، مما يجعل المجتمع أكثر قدرة على تحقيق التنمية والازدهار.
و لقد جسد الملك عبدالله الثاني بن الحسين معنى العطاء والمسؤولية الإنسانية من خلال مواقفه المشرفة في دعم الشعبين الفلسطيني والسوري.
فيما يخص القضية الفلسطينية، كان الأردن، بقيادة الملك عبدالله الثاني، من أبرز الداعمين للشعب الفلسطيني في مواجهته للصعاب و الحروب . لم يقتصر الدعم على الجانب السياسي والدبلوماسي فقط، بل شمل أيضًا المساعدات الإنسانية والطبية. ومن أبرز مبادرات الأردن إنشاء المستشفى الميداني الأردني في غزة، الذي يقدم خدماته الصحية لشعب القطاع المحاصر.
أما بالنسبة للسوريين، فقد فتح الأردن أبوابه لاستقبال اللاجئين السوريين الذين فروا من ويلات الحرب. ورغم التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن، واصل الملك عبدالله الثاني توجيه الجهود لدعم اللاجئين من خلال توفير المأوى والتعليم والرعاية الصحية. كما دعا الملك المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه اللاجئين وتقديم الدعم للدول المستضيفة.
العطاء قيمة تنعكس إيجابيًا على الفرد والمجتمع، حيث تبني الروابط وتعزز التضامن. وتجربة الأردن، بقيادة الملك عبدالله الثاني، هي نموذج يُحتذى به في العطاء الإنساني. لقد أثبتت هذه التجربة أن العطاء لا يتطلب ثراءً ماديًا، بل إرادة صادقة وشعورًا عميقًا بالمسؤولية تجاه الآخرين.