أخبار حياة – تتواصل عمليات الهدم التي تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأراضي عام 1948، مستهدفة منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم بذريعة عدم الترخيص، في الوقت الذي تتكشف فصول هذه الجريمة وتزداد وتيرتها في العلن لا سيما مع شعور الهزيمة الذي تملك حكومة نتنياهو مع وقف إطلاق النار في غزة. وفي الأثناء تتصاعد هجمة آلة الدمار الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من مدن الضفة الغربية بعد هدم منازلهم وجعل حياتهم مستحيلة، وليثبت صحة هذا المسعى الإجرامي سماح الكنيست للإسرائيليين بتملك أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية.
هدم البيوت لا يأتي فقط بهدف التهجير، بل يحمل أهدافا تكاد تكون أكبر كجزءٍ من الحرب النفسية لكسر إرادة الصمود الفلسطيني وقهر المقاومة وليّ ذراعها وممارسة سياسة العقاب الجماعي، وهو الأمر الذي كان الاحتلال فيه أشدً إجرامًا بتدمير غالبية قطاع غزة.
وكأحد فصول الجريمة صادق الكنيست الإسرائيلي بقراءة تمهيدية، اليوم الأربعاء، على مشروع قانون يسمح للإسرائيليين بتسجيل أنفسهم كمالكي أراض فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
#شاهد | جانب من هدم جرافات الاحتلال صباح اليوم منزلاً يعود للمقدسية هالة عباسي شرق مدينة أريحا pic.twitter.com/5NkAd9Ws5D
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) January 28, 2025
وقال موقع صحيفة يديعوت أحرونوت إن “مشروع القانون تمت الموافقة عليه بأغلبية 58 عضوا مقابل معارضة 33″، من مجموع 120 مقعدا في الكنيست. وما زال يتعين التصويت عليه بـ3 قراءات قبل أن يصبح قانونا نافذا.
ومن شأن الخطوة الجديدة تعزيز الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي تعتبره الأمم المتحدة غير قانوني وتطالب منذ عقود بوقفه دون جدوى، لكونه يقوّض فرص معالجة الصراع وفق مبدأ حل الدولتين.
منازل ومصلى ومطعم ومنشآت.. الاحتلال ينفذ عمليات هدم واسعة في القدس وطولكرم وجنين ورام الله وبيت لحم والخليل وأريحا وسلفيت بالضفة المحتلة. pic.twitter.com/XSA0JBML0z
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) January 29, 2025
مواصلة عمليات الهدم
هدمت جرافات بلدية الاحتلال، صباح اليوم، مصلى التقوى في قرية صور باهر جنوب مدينة القدس.
ففي قرية فروش بيت دجن شرق نابلس، سلّمت قوات الاحتلال، الثلاثاء، إخطارات بهدم سبعة منازل مشيدة منذ عقود.
وأوضح رئيس المجلس القروي توفيق حج محمد، أن هذه الخطوة تأتي ضمن حملة هدم غير مسبوقة شهدت تسليم 40 إخطاراً على الأقل خلال شهر واحد، إضافة إلى هدم 10 برك زراعية و4 منازل.
#متابعة | قوات الاحتلال تبدأ عمليات هدم في خلة طه في مدينة دورا جنوب الخليل pic.twitter.com/F1pNGTYCk4
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) January 29, 2025
وفي النقب؛ هدمت سلطات الاحتلال للمرة الـ235 خيام أهالي قرية العراقيب، في محاولة متكررة لتهجير السكان الأصليين.
ورغم إعادة بناء الخيام بعد كل عملية هدم؛ يواجه السكان ظروفاً قاسية تهدد بقاءهم على أراضيهم.
وفي بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم؛ شرعت جرافات الاحتلال بهدم منزل مأهول مكون من طابقين، يضم عائلة الشقيقين أسامة وتيسير حسن موسى سليمان، مع فرض حصار كامل على المنطقة ومنع المواطنين من الاقتراب.
قوات الاحتلال تبدأ عمليات هدم في خلة طه في مدينة دورا جنوب الخليل. pic.twitter.com/G0kBxKuTs2
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) January 29, 2025
كما أجبر الاحتلال مواطناً من قرية مصمص في منطقة وادي عارة داخل أراضي 1948 على هدم منزله بنفسه، بعد تهديده بفرض غرامات مالية باهظة.
تنديد فلسطيني بعمليات الهدم
ونددت وزارتا الأوقاف والخارجية الفلسطينيتان، الثلاثاء، بهدم إسرائيل مسجدا بمخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، واعتبرتا ذلك “جرائم تنتهك القوانين الدولية، وسط استمرار عدوانها على المنطقة لليوم الثامن”.
آلة التدمير والقتل الإسرائيلي تواصل نشر الخراب والدمار في مدن الضفة الغربية.. عينكم على جنين وطولكرم ونابلس وكل المدن والقرى التي تتعرض لأبشع عمليات القمع والإخضاع.
— Ramy Abdu| رامي عبده (@RamAbdu) January 28, 2025
من مشاهد تدمير ميدان جمال عبد الناصر في طولكرم. pic.twitter.com/T2yE1UR3iA
وقالت وزارة الأوقاف في بيان وصل المركز الفلسطيني للإعلام: “قوات الاحتلال أقدمت على هدم مسجد حمزة في مخيم جنين”.
ووصفت الهدم بأنه “اعتداء صارخ على المقدسات الإسلامية وانتهاك واضح لكل القوانين والمواثيق الدولية التي تكفل حماية دور العبادة”.
وأضافت وزارة الأوقاف: “هذه الجريمة تندرج ضمن سياسة التصعيد الخطير التي تنتهجها قوات الاحتلال ضد شعبنا ومقدساتنا، وتأتي في إطار محاولات مستمرة لفرض واقع جديد يهدف إلى تقويض هوية شعبنا وتراثه الديني”.
#متابعة | جرافات جيش الاحتلال تواصل عمليات هدم المنازل بمخيم جنين وحي الجابريات وشق طرق جديدة على حساب منازل المواطنين. pic.twitter.com/2g3PRWgaGG
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) January 27, 2025
وأكدت على “ضرورة تحرك عربي وإسلامي فوري لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين”.
سياسة ممنهجة
وتُعد سياسة الهدم التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي جزءاً من ممارسات تهجير قسري تستهدف الفلسطينيين، سواء في الأراضي المحتلة عام 1967 أو داخل أراضي 1948، ووسيلة لتقويض الحق الفلسطيني في الأرض، وفرض وقائع جديدة تخدم السياسات الاستيطانية.
⬅️ شاهد..
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) January 28, 2025
جرافة D10 تواصل هدم مسجد حمزة في شارع مهيوب pic.twitter.com/cx2Y976WuO
وسياسة الهدم تمثل مخالفة صارخة للقانون الدولي الإنساني، الذي يُلزم دولة الاحتلال بضمان حقوق السكان المدنيين تحت الاحتلال، بما في ذلك حقهم في السكن الآمن، وفقاً للمادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر تدمير الممتلكات الخاصة إلا في حالات الضرورة العسكرية القصوى.
⬅️ شاهد..
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) January 26, 2025
قوات الاحتلال تواصل هدم أحد المنازل في حارة البشر بمخيم جنين. pic.twitter.com/DwIx7tZjvK
ولا تقتصر سياسة الهدم على التهجير وفقدان السكن، بل تؤدي أيضاً إلى آثار نفسية واقتصادية مدمرة على الأسر الفلسطينية، وتُسهم في تأجيج حالة عدم الاستقرار في المنطقة، ما يستدعي إلى إعادة إحياء الجهود الدولية لضمان حقوق الفلسطينيين وحمايتهم من الانتهاكات المتزايدة.
قرية النعمان نموذجًا
وأخطر الاحتلال الإسرائيلي بهدم قرية كاملة شرق بيت لحم، في بلاغات عسكرية وزعها على سكانها، قبل أيام، في تصعيد كبير لعمليات الهدم التي ينتهجها الاحتلال بهدف الاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية.
وأفاد رئيس المجلس القروي بـ”النعمان”، جمال الدرعاوي في تصريحات صحفية رصدها المركز الفلسطيني للإعلام، بأن قوات الاحتلال برفقة موظفين من بلدية الاحتلال في القدس اقتحموا قرية النعمان، وألصقوا إخطارات على واجهات 45 منزلا مأهولا، يتضمن هدمها بحجة عدم الترخيص، علما أنها بنيت ما قبل عام 1948، وآخر منزل بني عام 1993.
وأضاف الدرعاوي أن سياسة الاحتلال تهدف إلى تهجير سكان القرية وضمها لحدود بلدية الاحتلال في القدس، مشيرا إلى أنه قبل عام ونصف أقرّت محكمة الاحتلال العسكرية بفرض ضريبة الأملاك (الأرنونا) على جميع المنازل في القرية، عن 6 سنوات سابقة حيث تم دفع ما بين 30-60 ألف شيكل (نحو 8400-16800 دولار)، عن كل منزل، بحسب “وفا”.
وتقع قرية النعمان شرق محافظة بيت لحم، وتضم 45 منزلا مشيدة من الحجر القديم بنيت قبل نكبة 1948، ويعيش في القرية، التي تبلغ مساحتها 1500 دونم، 150 فلسطينيا، وهي تبعد عن مركز المدينة حوالي 4.5 كلم، ويحدها من الشرق أراضي قرية الخاص، ومن الشمال أراضي بلدة صور باهر في القدس المحتلة، ومن الغرب والجنوب مدينة بيت ساحور.
ويعاني أهالي قرية النعمان منذ سنوات من مخططات الاحتلال الهادفة إلى تهجيرهم، وقد عزلهم الجدار الإسرائيلي الذي أقيم على القرية من التواصل مع جوارهم في قرى جنوب القدس المحتلة، وحرمتهم سياسة العزل من الخدمات الأساسية، ولمواجهة المخططات الاحتلالية لضمها لحدود بلدية الاحتلال في القدس، تم تأسيس مجلس قروي لها عام 2013.
ووفق توثيق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، للفترة بين 1 يناير/كانون الثاني 2010 وحتى 1 يناير/كانون الثاني 2025، فإن الاحتلال الإسرائيلي هدم نحو 8 آلاف و765 منشأة فلسطينية في المنطقة “ج”، أغلبها بذريعة البناء دون ترخيص، منها 3107 منشآت زراعية و2025 مسكنا مأهولا ونحو 700 مسكن غير مأهول.
ما بعد 7 أكتوبر
أما منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 1 يناير/كانون الثاني 2025، فتشير المعطيات إلى هدم 1238 منشأة، بينها 474 منشأة زراعية و231 منزلا مأهولا، تسبب مجموعها في تهجير 1086 فلسطينيا وتضرر نحو 46 ألفا آخرين.
وتركزت عمليات الهدم في أريحا (70 منشأة)، بيت فوريك (55)، عناتا شمال القدس (53)، طولكرم (45)، دوما جنوب نابلس (42)، حزما شمال القدس (40)، ومناطق أخرى بأعداد أقل.
وإجمالا طال الهدم 2197 منشأة في جميع مناطق الضفة (أ، ب، ج) منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 1 يناير/كانون الثاني 2025، تسببت في تهجير 5 آلاف و371 فلسطينيا، وتضرر نحو 535 ألفا آخرين.