أخبار حياة – حكايات تتشابك فيها الكلمات بين نصف الحزن ونصف الفرح، عن واقع السجون التي فتحت أبوابها بذات اليدين التي كانت قد أغلقتها. هنا حكاية الأسير محمود دحنون، الذي يحدثنا عن الحرية التي وصفها الشهيد غسان كنفاني بأنها هي ذاتها المقابل، وهو يمسك ببرتقال فلسطين بعد اثنين وعشرين عامًا في سجون الاحتلال.
فوق سطح المنزل، وقف الأسير المُحرر دحنون ليقص علينا حكايته مع جبال قرية عابود غرب رام الله، وهو يتذكر كيف كان السجن يحجب الشمس، ليس عن الجسد فقط، بل عن الروح أيضًا.
ووصف الأسير المحرر محمد دحنون لوطن لحظات خروجه من سجون الاحتلال بعد 22 عامًا بأنها “عودة من الموت”، موضحًا أن السنوات الطويلة داخل السجن جعلته يفقد الأمل في الخروج، وكأن روحه ظلت مسجونة إلى أن كُتب لها الإحياء من جديد.
وفي حديثه عن أول ليلة له خارج الأسوار، قال دحنون: “لم أنم طوال الليل”، موضحًا أن الساعات الأولى من الحرية كانت محاطة بالذكريات والتأملات في معاناته خلال سنوات الأسر.
مع بزوغ الفجر، خرج إلى فناء المنزل، متوجهًا إلى شجرة البرتقال التي غرسها والده، والتي أوصت والدته العائلة بعدم قطف ثمارها حتى يتحرر. حين مد يده وقطف أول ثمرة، شعر وكأنها رمز لانتصاره وصبره، وقال: “قطفت برتقالة وأكلتها كما لو كنت أتناول الحرية ذاتها.. شبعت منها بعد 16 شهرًا من الجوع داخل السجون”.
لم تكن تجربة السجن مجرد اختبار لصبره، بل كانت مدرسة علمته معنى الوحدة والنضال المشترك، إذ أدرك أن أي انتصار فلسطيني لن يتحقق إلا بتضافر الجهود ورص الصفوف. ويؤكد دحنون أن المرحلة القادمة يجب أن تكون مرحلة مصالحة حقيقية، قائلًا: “بعد كل الدماء الطاهرة التي روت ثرى فلسطين، يجب أن تكون بداية لمصالحة سياسية واجتماعية بين الفصائل الوطنية والعشائر في غزة والضفة. من المعيب بعد هذه الدماء أن تبقى الخلافات. الدم يجب أن يمسح كل الخلافات.”
ويرى أن السبيل إلى ذلك هو توحيد الجهود تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، محذرًا من أي توجهات قد تؤدي إلى مزيد من الفرقة والانقسام.
ماذا بعد؟ هي كراسات الحرية التي يكتب عليها دحنون رسائله، داعيًا من خلالها للحفاظ على منجزات معركة طوفان الأقصى، وحماية المشروع الفلسطيني. والأهم من ذلك، هو تحقيق الوحدة الفلسطينية بين أبناء الشعب الواحد، فهذه الوحدة في نظر الأسير دحنون هي قانون الانتصار.