أخبار حياة – في أحد أزقة غزة، حيث تمتزج رائحة البحر بنبض المقاومة، يقف موسى، ابن الشهيد غازي أبو طماعة، متحدثًا عن والده بحبٍ وفخر، رغم الألم الذي يسكن صوته.
يقول موسى، البالغ من العمر 14 عامًا، لمراسلنا إن والده كان أبًا حنونًا، معطاءً، لين القلب، لكنه كان في الوقت ذاته قائدًا صلبًا، لا يلين في مواجهة الاحتلال.
وُلد غازي أبو طماعة عام 1973، في كنف عائلة متجذرة في أرض فلسطين، ونشأ على حب الوطن والدفاع عنه.
منذ صغره، كان يدرك أن هذا الطريق محفوف بالمخاطر، لكنه مضى فيه بعزم، مؤمنًا بأن الحرية لا تأتي بلا ثمن.
الأب والمُربّي.. “كان يغرس فينا حب الوطن”
يقول موسى عن والده: “كان يحبنا كثيرًا، ويحثنا دائمًا على الصلاة، وحفظ القرآن، وأن نتحلى بمكارم الأخلاق كان يقول لنا إن الوطن غالٍ، وإن مهر الدفاع عنه كبير.
لم يكن أبو طماعة مجرد مقاتلٍ في الميدان، بل كان مُربيًا في بيته، غرس في أبنائه حب المقاومة والصبر والإيمان.
رغم انشغاله الدائم، كان يعود إليهم كلما سنحت الفرصة، يلاعبهم، يروي لهم قصصًا عن فلسطين، ويعلمهم أن النصر يحتاج إلى رجالٍ مخلصين، لا يهابون التضحيات.
“وهب نفسه للوطن”
كرّس غازي أبو طماعة حياته للمقاومة، متدرجًا في صفوف كتائب عز الدين القسام، حتى أصبح أحد القادة البارزين، حيث تولى ركن الأسلحة والخدمات القتالية، وكان له دورٌ محوري في تطوير قدرات المقاومة العسكرية، سواء في تصنيع الأسلحة أو تطوير منظومة الإمداد اللوجستي.
“أبي لم يتهاون يومًا في خدمة القضية، كان يعلم أن هذا الطريق صعب، لكنه كان مستعدًا لكل شيء،” هكذا يروي موسى عن والده الذي لم يعرف الراحة يومًا، وكان دائم الانشغال بتطوير أدوات المواجهة، حتى أصبح هدفًا دائمًا للاحتلال، الذي حاول اغتياله مرارًا، حتى نجح في ذلك في 30 يناير 2025.
“المقاومة فخرنا، وراه ناس هتكمل الطريق”
رغم الحزن الذي يكسو وجه موسى، إلا أن صوته لا يخلو من الإصرار حين يقول: “أبي استشهد، لكنه ترك رجالًا من بعده، سيكملون الطريق.. المقاومة فخرنا.”
استشهاد غازي أبو طماعة لم يكن نهاية الرحلة، بل بداية فصلٍ جديدٍ من الصمود، فكما علّم أبناءه حب الوطن والإصرار على الثبات، ترك خلفه إرثًا من العطاء والتضحية، سيبقى خالدًا في ذاكرة فلسطين، وفي قلوب من ساروا على دربه.