غربان الاحتلال تعيث فسادا في جنين وتستنسخ مشاهد الإبادة من غزة

أخبار حياة – لم تكد الحرب والعدوان الصهيوني يلتقط أنفاسه في غزة بهدنة فرضتها المقاومة الفلسطينية بنصرٍ مذلٍ لنتنياهو وزمرته الفاشية، حتى ذهب وجيشه المجرم ليصب جام غضبه على مدن الضفة الغربية وعلى رأسها جنين، بعد أن تمرغ أنف جيش بتراب غزة التي أخضعته لمطالبها في نهاية المطاف.

وأطلق جيش الاحتلال النازيّ سعار إجرامه بتفجير أكثر من واحد وعشرين منزلا دفعة واحدة في جنين وعددٍ من المناطق، ليعيد استنساخ مشهد نسف المربعات السكنية الذي عاشته غزة لأكثر من خمسة عشر شهرًا متواصلة، ليؤكد نتنياهو مرة أخرى وبما لا يدع مجالا للشك أنّ نهج الإبادة والإجرام متواصلٌ ولن يتوقف، رغم وقف إطلاق النار في غزة.

ولم يكن من مشهدٍ أكثر ألمًا وغربان الاحتلال وجنود إجرامه وهم يتجولون في أحياء جنين وينثرون ألغام دمارهم وخرابهم وإجرامهم النازيّ الذي لم يتوقف ولو دقيقة واحدة منذ السابع من أكتوبر.

استمرار إخطارات القصف والهدم

وأخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأحد، بقصف منزل مأهول لعائلة “السعدي” في الحي الشرقي من مدينة جنين، شمالي الضفة الغربية المحتلة، بدعوى أن نجلها “مطلوب”.

وقالت مصادر محلية، إن مخابرات الاحتلال أخطرت عائلة الشاب قصي السعدي بقصف منزلها المأهول في الحي الشرقي من مدينة جنين.

وأوضحت المصادر أن قوات الاحتلال أبلغت والد قصي السعدي بنيتها قصف منزلهم المكون من ثلاثة طوابق في الحي الشرقي من جنين، في حال لم يسلم نجله قصي للاحتلال.

وفجرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، 21 منزلا، تحتوي على ما يقارب 80 شقة سكنية ضمن أحياء مختلفة من مخيم جنين.

وأفادت مصادر محلية، بأن أصوات التفجيرات سمعت بشكل واضح، بينما شوهدت سحب كثيفة من الدخان تعلو سماء المخيم.

وذكرت أن المخيم يخلو من السكان حالياً، حيث أُجبر أهالي المخيم على النزوح منه وإخلائه منذ بداية العدوان الإسرائيلي الحالي المتواصل منذ 13 يوما، ولم ترد حتى الآن بلاغات عن إصابات نتيجة التفجيرات، لكن الدمار في المخيم كبير جدا.

محاولات الاحتلال ستبوء بالفشل

زفّت كتائب الشهيد عز الدين القسام؛ الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، الشهيد المجاهد نور الدين شاكر السعدي. مبينة أنه ارتقى إلى العلا مساء أمس السبت، عقب “قصف صهيوني غادر” استهدف الحي الشرقي بمخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة.

وجاء في بيان عسكري لكتائب القسام، وصل المركز الفلسطيني للإعلام اليوم الأحد: “إن كتائب القسام؛ وهي تزف شهداءها الأبطال لتؤكد على أن الصفعات القاسية التي لا يزال جنود العدو يتلقونها على أيدي مجاهدينا لن تتوقف ما دام عدوانه (الاحتلال) متواصلًا على شعبنا الأبيّ”.

وأكملت: “وإن كل محاولات العدو الجبان لحسم المعركة مع المقاومة عبر سلاح الجو وبالاستقواء على منازل المواطنين بالنسف؛ ستبوء بالفشل الذريع بإذن الله”.

دعوات للتحرك

ودعت فصائل المقاومة والنشطاء إلى عدم ترك جنين لوحدها والتحرك العاجل بوجه حرب الإبادة، وسادت دعوات بأننا لن نترك جنين وحدها في مواجهة الحصار والتدمير.

بدوره دعا الحراك الشبابي في الضفة الغربية للمشاركة الحاشدة في مسيرات الإسناد لمخيم جنين وأهله ومقــاومته الباسلة الذين يواجهون نازية الاحتلال وجرائمه المتواصلة.

إصرار على نهج الإبادة

بدورها، نددت حركة “حماس” بإقدام الاحتلال الإسرائيلي على تفجير عشرات المنازل في مخيم جنين بالضفة الغربية، واعتبرت ذلك إصرارا من الاحتلال على جرائم الحرب والإبادة ضد الشعب الفلسطيني.

وقالت “حماس” في بيان وصل المركز الفلسطيني للإعلام اليوم الاحد، إن التفجيرات الضخمة في جنين، ونسف عدد كبير من المنازل، “دليل على استمرار حرب الإبادة بحق شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية، وإصرار المحتل على نهج جرائم الحرب التي ارتكبها في قطاع غزة”.

دعوات لمجلس الأمن بالتدخل

السلطة الفلسطينية طالبت، الأحد، بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لوقف عدوان إسرائيل على الشعب الفلسطيني، بعد نسفها مربعات سكنية في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة.

وفي وقت سابق الأحد، أكد مسؤول العلاقات العامة في بلدية جنين بشير مطاحن، أن الجيش الإسرائيلي فجر 21 منزلا في ثلاث حارات بالمخيم، محذرا من أن “التفجيرات ستستمر بحسب ما أبلغ الجيش الإسرائيلي جهات رسمية فلسطينية”.

ودعت السلطة إلى “عقد جلسة طارئة وعاجلة لمجلس الأمن الدولي، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني”، بحسب وكالة الأنباء الرسمية وفا.

تحذيرات من نقل جرائم التطهير من غزة إلى الضفة

من جانبها، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف تفجيرات الاحتلال الإسرائيلي للمنازل في جنين وطولكرم، ووضع حد لمخططات التهجير، ووقف جرائم الاحتلال ومستوطنيه ضد المواطنين، باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يعاقب عليها القانون الدولي.

وأدانت الخارجية، في بيان صحفي، اليوم الأحد، التفجيرات التي ترتكبها قوات الاحتلال في مخيمي جنين وطولكرم، بما في ذلك إقدامها اليوم على تفجير أحياء واسعة من مخيم جنين، في مشهد وحشي يعكس حجم الدمار الذي تعرض له قطاع غزة، ويجسد أحد مظاهر حرب الإبادة والتهجير ضد شعبنا.

وقالت: “لطالما حذرت من مخططات الاحتلال الهادفة إلى نقل جرائم التطهير العرقي والتدمير من غزة إلى الضفة الغربية المحتلة، تحت ذرائع واهية لإخفاء استهدافه المباشر للمدنيين العزل ومنازلهم وممتلكاتهم ودور عبادتهم”.

منطقة حيوية

رئيس بلدية جنين، محمد جرار، قال إن قوات الاحتلال أخلت مساء أمس السبت عمارتي الصفا والقنيري، عند المدخل الشمالي لمخيم جنين، وتضمان قرابة 30 شقة مأهولة.

وبحسب جرار فإن منطقة التفجير حيوية، بالقرب من مدرسة الزهراء، ومحيط مستشفى جنين الحكومي، ومبنى المحكمة، ومكتب مديرية التربية والتعليم في المدينة.

ويقول جرار: “الخطر كان كبيرا فعليا، خاصة فيما يخص مستشفى جنين الحكومي حيث يصعب إخلاؤه، أولا، لوجود المرضى على أجهزة التنفس الصناعي، ومرضى الكلى، وأيضا لوجود حاجز لجيش الاحتلال في الشارع المؤدي إليه، الحمد لله أنه لم تقع إصابات داخل المستشفى”.

وبحسب تقديرات بلدية جنين نزح من المخيم ومحيطه قرابة 15 ألف نسمة، ودمرت جرافات الاحتلال قرابة 100 منزل بشكل كامل، عدا المنازل المدمرة بشكل جزئي والمنازل التي تم حرقها.

ويقول جرار: “توزع النازحون، 6 آلاف إلى مدينة جنين، وقرابة 4070 شخصا إلى بلدة برقين غرب مدينة جنين، والبقية توزعوا على 39 هيئة محلية”.

نداء استغاثة

وتعاني محافظة جنين بشكل عام من ضعف في الاقتصاد، حيث شهدت المدينة، منذ عام ونصف، 104 اقتحامات إسرائيلية، إضافة لحصارها بالحواجز والمعابر منذ قرابة 4 سنوات، ومنع العمال الفلسطينيين من العمل في مناطق 48 منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

يقول جرار: “تواصلنا مع الهيئات الخاصة، لتوفير احتياجات الناس الذين تركوا بيوتهم وأهم هذه الاحتياجات توفير المسكن ومن ثم تأمين الغذاء والملابس والتدفئة والعلاج”.

ويضيف: “المشكلة أن جنين مشلولة تماما، لا عمالة فيها، لذا أطلقنا نداء استغاثة عاجلا لبعض المؤسسات الدولية وعلى رأسها أوتشا و”إن دي بي” (ndb)، لتأمين ما يحتاج الناس. فنحن نعيش كارثة إنسانية”.

ورغم هذه المحاولات إلا أن الأهالي يتخوفون من نسف المخيم بشكل كامل، إضافة لتنفيذ جيش الاحتلال تهديداته باستمرار وجوده في جنين بعد الانتهاء من عملية السور الواقي.

وبحسب جرار فإن على القيادة الفلسطينية التحرك بشكل جدي ضد تصريحات يسرائيل كاتس، لأنه يجب أن يكون هناك إجابة عن سؤال كيف سيتم التعامل مع الوجود الإسرائيلي في جنين.

وكان كاتس قد قال إن مهمة الجيش ستبقى مستمرة في مخيم جنين حتى بعد الانتهاء من العملية العسكرية.

ويرى جزار أن العملية سياسية بامتياز وليست عسكرية كما تدعي إسرائيل.

25 شهيدًا منذ بدء العملية

ومنذ 21 يناير/ كانون الثاني المنصرم، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في مدينة جنين ومخيمها أدت إلى استشهاد 25 مواطنا فلسطينيا، حتى صباح الأحد، قبل أن يوسع عدوانه الاثنين الماضي ليشمل مدينة طولكرم، التي استشهد فيها 3 فلسطينيين.

وبالتزامن مع بدء حرب الإبادة على غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 900 فلسطيني، وإصابة نحو 6 آلاف و700، واعتقال 14 ألفا و300 آخرين، وفق معطيات رسمية.

وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 159 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات