الشهيد محمد دراغمة.. من زنازين السلطة إلى الاشتباك المباشر مع الاحتلال

أخبار حياة – في قلب الضفة الغربية المحتلة، حيث تشتد الهجمة الإسرائيلية على مدنها ومخيماتها، يسطر المقاومون الفلسطينيون فصولًا جديدة من الصمود والتحدي. ورغم قسوة الظروف، والملاحقة المستمرة من قبل الاحتلال وأجهزة أمن السلطة، يواصل الشباب الفلسطيني تقديم التضحيات في سبيل الحرية.

الشهيد محمد جمال دراغمة، الذي عرف السجون والأقبية، لم تمنعه المعاناة من مواصلة طريقه حتى قدم روحه فداءً للوطن في عملية نوعية هزت المنظومة الأمنية الإسرائيلية.

وأعلنت مصادر محلية ورسمية أن منفذ عملية إطلاق النار على حاجز تياسير العسكري هو الشهيد محمد دراغمة، شقيق الشهيد أحمد دراغمة، قائد كتيبة طوباس. ومنذ لحظة إعلان هويته، تذكر الجميع اعتقاله السابق على يد أجهزة السلطة الفلسطينية في طوباس، حيث تعرض للتعذيب الوحشي في سجن أريحا المركزي، وقضى هناك أكثر من 154 يومًا قبل الإفراج عنه في 26 نوفمبر 2024، وفق معطيات نشرتها لجنة أهالي المعتقلين السياسيين.

ورغم الملاحقة والتضييق المستمر، تمكن الشهيد دراغمة من تنفيذ عملية نوعية في وقت تشهد فيه الضفة الغربية تصعيدًا إسرائيليًا غير مسبوق، خاصة في جنين وطولكرم ومخيماتهما، حيث يواجه الفلسطينيون اجتياحات واعتقالات متكررة، في محاولة لإخماد جذوة المقاومة.

وفي تفاصيل العملية التي قعت فجر 5 فبراير/ شباط الجاري على حاجز تياسير العسكري شرق طوباس، نجح الشهيد في اقتحام برج الحراسة والاشتباك مع جنود الاحتلال من مسافة قريبة جدًا، مرتديًا زيًا عسكريًا مموهًا مكنه من التسلل دون إثارة الشبهات، إذ استخدم سلاحًا من نوع M16 وكان يحمل مخزنين من الذخيرة، ما يعكس تخطيطًا دقيقًا للعملية.

وتمكن دراغمة من السيطرة على الطابق العلوي من البرج العسكري وخاض اشتباكًا شرسًا مع الجنود داخل الموقع، ما أسفر عن مقتل جنديين، أحدهما قائد كتيبة، وإصابة ثمانية آخرين، قبل أن يرتقي شهيدًا.

ورغم الإمكانيات التكنولوجية المتطورة، زعم جيش الاحتلال حتى مساء الثلاثاء العجز عن تحديد هوية المنفذ، إذ لم يُعثر على أوراق ثبوتية بحوزته، كما فشلت أنظمة التعرف على الوجه في تحديده، خاصة بعد تعرضه لإصابة قاتلة في وجهه، إثر إصابته بنقنبلة.

ويأتي تنفيذ هذه العملية في وقت تتصاعد فيه الضغوط على المقاومة في الضفة الغربية، ليس فقط من قبل الاحتلال، ولكن أيضًا عبر التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، التي كثفت اعتقالاتها وملاحقاتها لعناصر المقاومة. إلا أن هذه العملية أثبتت مرة أخرى أن المحاولات المستمرة للقضاء على المقاومة باءت بالفشل.

حركة حماس نعت الشهيد دراغمة، وأكدت أن استمرار عمليات المقاومة يعكس إرادة الشعب الفلسطيني في التصدي للاحتلال رغم كل محاولات القمع والإخماد. وأكدت أن جرائم الاحتلال المتصاعدة، واقتحاماته المتكررة للمدن والمخيمات الفلسطينية، لن تمر دون رد، وأن الضفة الغربية ستظل ساحة مواجهة مفتوحة حتى تحرير الأرض واستعادة الحقوق المشروعة.

ويقول الخبير الأمني اللواء واصف عريقات إن العمليات الفردية الأخيرة “نوعية بشهادة الاحتلال نفسه” سواء من حيث منفذها وتوقيتها وأسلوبها واختيار الأهداف ومدى تأثيرها على الجيش والمجتمع الإسرائيليين.

ويشدد على أن هذه العمليات تمثل دفاعاً عن النفس أمام صلف الاحتلال وتقتيله للفلسطينيين وتقطيع أواصر الضفة ومحاصرتها اقتصاديا وعسكريا بأكثر من 700 حاجز، وأمام اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى ومنع الفلسطينيين من دخوله والتضييق عليهم، لافتا إلى أن اعتداءات الاحتلال أكبر محفز للشباب الفلسطيني ليصعد من عملياته.

ويضيف عريقات: “كونها عمليات فردية، فإن هذا سيزيد نجاحها وفعلها، لأنها معقدة بالنسبة للجهات الأمنية والاستخباراتية كونها محدودة ولا يمكن التنبؤ بها وينفذها أفراد يتخذون قراراتهم دون تشاور مع أحد، وبالتالي يختارون الزمان والمكان دون أية معلومات منتشرة”.

وتشير إحصائية مركز معلومات فلسطين (معطى) إلى أنه ومنذ حرب الإبادة على غزة بين 7 أكتوبر 2023 وحتى 19 يناير 2025، نُفذت 2118 عملية إطلاق نار، و48 عملية طعن، و32 عملية دهس، وعملية استشهادية، أسفرت في مجموعها عن مقتل 59 جنديا ومستوطنا، وإصابة 453 آخرين.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات