قضية مواصلة العمل من المنزل تبقى لغزاً محيراً للشركات

أخبار حياة – هناك شيء ما محير في العودة الكبيرة إلى المكاتب، فقد بات معظم أصحاب العمل الكبار يشددون قواعدهم بشأن العمل من المنزل. لقد قرروا أن الوقت قد حان للعودة للعديد من موظفيهم.

لم تنضم حتى الآن جميع الشركات إلى «جولدمان ساكس» و«تسلا» في المطالبة بالعودة بدوام كامل. لكن العديد منها حذت حذو «آي بي إم» و«دويتشه بنك» وحتى «زووم»، الطفل المدلل لثورة العمل عن بُعد، وفرضت قواعد أكثر صرامة للعمل من المنزل.

ولكن الشيء الغريب هو أنه حتى الآن على الأقل، تشير الإحصاءات إلى أن مستويات العمل من المنزل ظلت ثابتة بشكل ملحوظ. وهذا أمر محير، حتى بالنسبة للخبراء الذين كانوا يدرسون العمل عن بُعد قبل فترة طويلة من جعل الوباء الممارسة سائدة.

ولذلك، قال لي نيك بلوم، أستاذ الاقتصاد بجامعة ستانفورد منذ أيام: «أنا، حقيقة، في حيرة من الأمر».

وتُظهِر أبحاثه، التي تتضمن استطلاعات شهرية لآلاف العمال في الولايات المتحدة، أن حصة العمل الذي يقومون به من المنزل ارتفعت من أقل من 10 % قبل كوفيد إلى 61 % في ذروة الوباء في عام 2020، قبل أن تتراجع إلى حوالي 30 % في عام 2022، لكن هذه المستويات ظلت ثابتة بشكل ملحوظ منذ أواخر عام 2023، ولم تنخفض أبداً عن 26 %. إذن ما الذي يفسر الفجوة بين هذا الإصرار العنيد على العمل عن بُعد وكل الأخبار عن إعادة الموظفين إلى المكتب؟

قد يكون الأمر مسألة تصور. وربما يتعلق الأمر بالقواعد الثابتة للأخبار أي أن الشركات التي تفعل شيئاً غير مرغوب فيه أو مزعج، مثل تقليص أيام العمل عن بُعد، يمكن أن تكون أكثر أهمية لعالم الأخبار من الشركات التي تلتزم بالعمل كما كان معتاداً.

ولعل فكرة التراجع الكبير عن العمل عن بُعد كانت دائماً غير متوافقة مع الواقع الأقل إثارة الذي يعيشه العديد من أصحاب العمل الذين واصلوا العمل بهدوء من خلال ترتيبات العمل الهجين القائمة. وهناك أسباب تدعونا إلى الاعتقاد بذلك.

ومن بين أكبر المعجبين بالعمل من المنزل شركات أقل حجماً وأصغر سناً وأقل شهرة، وهي من بين أسرع الشركات نمواً، كما يشير نيك بلوم. وقد يعوض توسعها عن التراجعات الأكثر وضوحاً في العمل من المنزل في الشركات القديمة. كما أنه كلما طالت مدة العمل الهجين، أصبحت مزاياه أكثر وضوحاً لبعض الشركات.

إنني أتعاطف مع منتقدي العمل عن بُعد الذين يخشون أن يكون العاملون في المنزل مشتتون وأقل إنتاجية وأقل استجابة وأكثر انقطاعاً عن العمل من نظرائهم في المكتب.

كما أرى أنه من الأفضل القيام ببعض الأعمال المكتبية حضورياً، خصوصاً إذا كانت هذه الأعمال تتطلب عمليات فحص في الوقت الفعلي واتخاذ قرارات سريعة.

لكنني لست مندهشة من الأبحاث التي تظهر أن النمط الهجين الشائع بشكل متزايد للعمل ثلاثة أيام في الأسبوع في المكتب ويومين في المنزل يمكن أن يجعل كلاً من العمال ومديري المالية سعداء.

وعندما أجرت شركة «تريب. كوم» الصينية لتكنولوجيا السفر تجربة لمدة ستة أشهر لمقارنة هؤلاء العمال بزملاء بدوام كامل، وجدت أن العمل الهجين عزز رضاهم الوظيفي، والأهم من ذلك، خفض معدلات ترك العمل بمقدار الثلث. ولم تكن هناك أي علامة على انخفاض الأداء.

ومن الملاحظ أن المديرين أكثر إيجابية بشأن العمل الهجين بعد التجربة مقارنة بما قبلها، لدرجة أنه عندما انتهت التجربة، قررت الشركة توسيع نطاق سياسة العمل الهجين لتشمل جميع الموظفين دفعة واحدة.

وكان منطقهم بسيطاً، «فكل استقالة تكلف الشركة حوالي 20 ألف دولار في التوظيف والتدريب، لذا فإن خفض معدل الاستنزاف بمقدار الثلث للشركة من شأنه أن يولد ملايين الدولارات من المدخرات».

ومنذ أن أعلنت «تريب.كوم» عن قرارها، تبنت شركات تقنية صينية أخرى سياسات هجينة مماثلة.

ورغم كل هذا، فقد يكون 2025 هو العام الذي تنخفض فيه بالفعل معدلات العمل من المنزل.

فقد تصدرت شركات مثل أمازون، وبرايس ووترهاوس كوبرز، وستاربكس عناوين الصحف العام الماضي بسبب القواعد الأكثر صرامة التي لم يكن من المقرر أن تبدأ حتى يناير الماضي.

ومن غير المقرر أن تبدأ السياسات الأكثر صرامة في شركات أخرى، مثل دبليو بي بي، المجموعة الإعلانية، حتى أبريل.

وقد تشجع إعادة انتخاب دونالد ترامب، الذي أمر العاملين الفيدراليين بالعودة إلى المكتب بدوام كامل في اليوم الأول من رئاسته، المزيد من الرؤساء التنفيذيين على التحرك. وربما نقترب من نهاية هدوء طويل قبل عاصفة العودة إلى المكتب.

لكن حتى لو حدث هذا، فإن فكرة عودة أنماط العمل إلى ما كانت عليه قبل أن يمزقها الوباء يصعب تصورها في هذه المرحلة. البيان

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات