أخبار حياة – تشهد أسواق الأسهم الأمريكية تحولاً ملحوظاً، حيث بدأت مجموعة «السبع الكبار» لشركات التكنولوجيا تفقد قدراً من جاذبيتها الاستثمارية، خاصة مع بيع المستثمرين أسهم هذه الشركات، التي هيمنت على المشهد في وول ستريت لسنوات.
ونجحت أسهم «السبع الكبار» وهي: أبل، ومايكروسوفت، وألفابت، وأمازون، وتسلا، وإنفيديا، وميتا، في تحقيق مكاسب هائلة خلال عامي 2023 و2024، مما عزز من قوة السوق الأمريكية بفضل قيمتها السوقية الضخمة، لكن في عام 2025، بدأ الزخم يتراجع، وسجل مؤشر «إس آند بي 500» ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 4% وسط أداء متفاوت لهذه الشركات.
ويشير هذا التحول إلى تغييرات جوهرية في بنية السوق، مع تصاعد المخاوف بشأن التقييمات المرتفعة لشركات التكنولوجيا الكبرى، وآفاق نموها المستقبلية، وخططها لإنفاق مبالغ ضخمة على مراكز البيانات والبنية التحتية، بهدف مواكبة الطفرة في الذكاء الاصطناعي.
ويرى جيم باولسن، وهو محلل مستقل متخصص في استراتيجيات السوق، أن «سوق الأسهم فقدت قيادتها»، في إشارة إلى تراجع هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى، فقد أظهر مؤشر خاص من «بلومبرج» أن مجموعة «السبع الكبار» حققت ارتفاعاً هزيلاً لا تتجاوز نسبته 1% فقط هذا العام، بعد أن عوضت المكاسب القوية لشركة «ميتا»، التي بلغت 25.8% الخسائر التي مُنيت بها شركات تسلا ومايكروسوفت وألفابت.
ويأتي هذا الأداء الضعيف بعد فترة ازدهار استثنائية شهدت ارتفاع قيمة هذه الشركات بأكثر من 160% بين بداية 2023 ونهاية 2024.
وتقول ليزا شاليت، كبيرة مسؤولي الاستثمار في مؤسسة مورجان ستانلي لإدارة الثروات، إن هذا التراجع في الأداء يعود إلى تحول المستثمرين الكبار، خاصة صناديق التحوط المتخصصة في الاستثمارات عالية المخاطر، بعيداً عن هذه الشركات السبع.
وفي هذه الأثناء يوجه مديرو الأموال استثماراتهم نحو قطاعات أخرى، فعلى سبيل المثال شهد قطاع البنوك الأمريكية تدفقات استثمارية ضخمة بلغت نحو ملياري دولار في الأسبوع المنتهي في 3 فبراير – وهو ثاني أكبر تدفق أسبوعي يسجله القطاع منذ الأزمة المالية في 2008، وفقاً لإحصاءات بنك أوف أمريكا، كما استفادت قطاعات أخرى من هذا التحول في توجهات المستثمرين، مثل شركات الرعاية الصحية والشركات الأوروبية وشركات التكنولوجيا متوسطة الحجم، إضافة إلى الذهب.
ويؤكد مايك أورورك، المحلل في شركة جونز تريدنج، والذي يُعرف بأنه أول من أطلق مصطلح «السبع الرائعة» على مجموعة شركات التكنولوجيا الكبرى، أن «الاتجاهات شهدت تحولاً جذرياً منذ أعيار الميلاد»، وباتت أسهم القطاعات ذات القيمة المنخفضة والنمو المتوسط تحقق أداء قوياً بعد سنوات من التراجع.
في المقابل لم يتمكن أي من أعضاء «السبع الرائعة» – باستثناء «ميتا»، التي سجلت مكاسب على مدى 20 جلسة متتالية – من دخول قائمة أفضل 50 سهماً من حيث النمو في 2025.
وبدأ المستثمرون بالفعل في توجيه أموالهم نحو مجموعة جديدة من شركات التكنولوجيا غير المدرجة في البورصة، والتي تتخصص معظمها في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل أنثروبيك، وكورويف، وداتابريكس، وأوبن إيه آي، وبربلكستي، وسكيل إيه آي، وإكس إيه آي. وأطلق المحللون على هذه المجموعة اسم مجموعة «السبع الرائعة الخاصة».
وحسب بيانات حصلت عليها صحيفة «فاينانشال تايمز»، فقد ارتفعت القيمة الإجمالية لهذه الشركات الخاصة بنسبة 40% بين يوليو ونهاية يناير، متفوقة بذلك على أداء مجموعة «السبع الكبار» التقليدية المدرجة في البورصة خلال نفس الفترة.
ويرى أغلبية خبراء الاستثمار أن هذا التحول في توزيع المكاسب بعيداً عن تركزها في «السبع الكبار» يشكل تطوراً صحياً للسوق، الذي كان يعاني من ارتفاع مفرط في الأسعار، وتركز شديد في القيمة السوقية لدى عدد محدود من الشركات.
وتشير المؤشرات إلى أن شركات البرمجيات الناشئة، التي تصدرت مؤشر «إس آند بي 500» متجاوزة شركات الرقائق مثل إنفيديا، تحظى بتقييمات مرتفعة مماثلة، فمثلاً تتداول بالانتير عند 69 ضعف إيراداتها المتوقعة للعام المقبل، بينما تبلغ النسبة لدى آرم هولدنجز 36 ضعفاً، مما يعكس استمرار ثقة المستثمرين بمستقبل الذكاء الاصطناعي.
ويحذر فريق من المحللين في بنك جي بي مورجان، بقيادة ميسلاف ماتيكا، من أن الانتشار السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي وانخفاض حواجز دخول السوق قد يشكلان تهديداً طويل المدى لشركات «السبع الكبار».
وجاء هذا التحذير بعد أن فاجأت شركة «ديب سيك» الصينية السوق الشهر الماضي بإطلاق خدمة ذكاء اصطناعي منخفضة التكلفة.
ويشير ماتيكا، الذي يشغل منصب رئيس استراتيجية الأسهم العالمية في البنك، إلى أنه رغم صعوبة استبعاد الشركات، التي هيمنت على السوق لفترة طويلة، إلا أن التاريخ يعلمنا أن «المستفيد من الثورات التكنولوجية لم يكن أبداً الشركات المهيمنة، بل الشركات الجديدة التي تدخل السوق من الخارج». البيان