أخبار حياة – أيام قليلة ويهل هلال شهر رمضان المبارك، وهو ما يعني بداية فصل جديد من فصول المواجهة بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الصهيوني الذي يعمل ليل نهار على نزع الهوية الإسلامية عن المدينة المقدسة ومسجدها الأقصى المبارك.
صحيح أن فصول هذه المواجهة مستمرة على مدار الساعة وطوال أيام العام، إلا أن لشهر رمضان خصوصية بالغة وحساسية كبيرة، ففيه يتدفق المسلمون بشك مكثف إلى المسجد الأقصى المبارك، وفي نفس الوقت تتصاعد فيه عمليات القمع والتضييق الصهيوني على المصلين والمعتكفين.
فالمدينة المقدسة ورغم اشتعال الحرب المدمرة في قطاع غزة إلا أن ذلك لم يرفع اليد الصهيونية الثقيلة عنها.
فوفق معطيات نشرتها مؤسسة “القدس الدولية” نهاية العام المنصرم 2024، فإن عام 2024 سجل أرقامًا قياسية جديدة في الاعتداءات على القدس وأهلها، بالتوازي مع حرب الإبادة والتدمير الهمجي على غزة ولبنان.
ففي عام 2024 اقتحم قرابة 60 ألف مستوطن المسجد الأقصى المبارك، في ارتفاع قارب 10% مقارنة بأرقام العام الذي سبق، وشارك في الاقتحامات وزراء وأعضاء في الكنيست الصهيوني، في مقدمتهم الوزير المتطرف السابق ايتمار بن غفير.
وتواصل مع بدء العام الجاري الجديد 2025 إجرام الاحتلال بحق القدس ومسجدها الأقصى، فوفق مركز “معطى”، ارتكب الاحتلال 303 انتهاكات في القدس خلال شهر يناير 2025، فيما اقتحم 6161 مستوطنًا المسجد الأقصى المبارك.
استباق لرمضان واستهداف للمرابطين
وفي استباق لحلول الشهر الكريم كشفت شرطة الاحتلال عن عقدها ما قالت إنه “اجتماعًا تحضيري”؛ استعدادًا لشهر رمضان، برئاسة وزير الحرب حاييم كاتس، والمفتش العام للشرطة “داني ليفي”، وبمشاركة قادة أمنيين آخرين.
وزعمت شرطة الاحتلال أن الاستعدادات تهدف إلى “ضمان سير شهر رمضان والصلاة بسلاسة، مع تحقيق توازن بين حرية العبادة والحفاظ على الأمن والنظام العام”، مبينة أن الاجتماع ناقش ما أطلق عليها “محاولات استغلال الشهر لنشر التحريض والمعلومات المضللة”، مؤكدة أنها ستتعامل مع هذه التهديدات بحزم.
وهذا الكلام يترجم فلسطينياً بأنه إشارة واضحة إلى نوايا الاحتلال فرض إجراءات جديدة تهدف للتضييق أكثر على المصلين والمعتكفين، وفرض المزيد من الإغلاقات ونصب الحواجز التي تعرقل حركة المصلين، إضافة إلى تسهيل اقتحامات المستوطنين للمسجد المبارك، وتشجيع المستوطنين على ذلك، في مسعى حثيث لتهويد الأقصى وتغيير هويته الإسلامية.
ولم تكتف شرطة الاحتلال بالاستعداد ووضع الخطط فقط، فقد بينت المرابطة المقدسية عايدة الصيداوي، أن سلطات الاحتلال تشن هذه الأيام التي تسبق قدوم شهر رمضان، حملة تستهدف المرابطين في المسجد الأقصى.
وقالت “صيداوي”، في تصريحات لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، أن الحملة شملت استدعاءات وتهديدات للمرابطين، علاوة على تجديد الإبعاد لعدد من المرابطين والمرابطات.
وأوضحت أن الحملة تهدف إلى تفريغ المسجد الأقصى من المصلين والمرابطين، وجعل الساحة مفتوحة أمام المستوطنين لاستباحة المسجد.
ودعت “صيداوي” إلى ضرورة التحرك لحماية المصلين، والمسجد الأقصى من تغول سلطات الاحتلال وجماعات المستوطنين المتطرفة.
أعياد يهودية وذبح البقرات
رئيس الهيئة المقدسية للدفاع عن المقدسات حسن خاطر، حذر من خطورة تداعيات الأعياد اليهودية التي تترافق مع الأيام الأخيرة لشهر رمضان المبارك.
وأوضح خاطر، في تصريحات لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، أن الأعياد اليهودية في شهري مارس وأبريل، تحمل طقوسا تهويدية خطيرة، تستهدف قدسية المسجد الأقصى، مبينا أن هذه الإجراءات تتعمد الجماعات اليهودية تنفيذها في باحات المسجد الأقصى.
وبين “خاطر” أن هذه الاستفزازات ستشكل صاعقاً يؤدي إلى تفجير الأوضاع في المدينة المقدسة، داعياً إلى ضرورة التدخل العربي لحماية الأقصى بوصفذلك مسؤولية عربية وإسلامية.
من جهته شاطر الناشط المقدسي فخري دياب “خاطر” تحذيره من خطورة الطقوس التي تتضمنها الأعياد اليهودية في باحات الأقصى والتي تترافق مع شهر رمضان المبارك.
وكشف “دياب” في تصريحات خاصة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، أن الاحتلال يخطط لذبح البقرات خلال الأعياد اليهودية المقبلة والمترافقة مع شهر رمضان المبارك، وذلك بعد مرور عامين على جلبها من الخارج، ووضعها في إحدى مستوطنات الضفة المحتلة.
وأوضح الناشط المقدسي أن ذبح البقرات، سيبيح الاقتحامات لباحات الأقصى، ويجعلها شرعية بل واجبة وفق الشرائع اليهودية، حيث أن هذا الذبح سيكون إخطارا للسماح لكل اليهود باقتحام المسجد، وسيتبعها المزيد من الاقتحامات للأقصى.
وشدد دياب على ضرورة الرباط في المسجد الأقصى في شهر رمضان وقبله وبعده، وحمايته من التهديد باستباحته وتغيير هويته العربية الإسلامية.
ويبدو أن المسجد الأقصى الذي كان عنوانا لطوفان الشعب الفلسطيني الذي ضرب الاحتلال وخاض معه معارك مستمرة لا تتوقف، سيبقى هو العنوان الأبرز في مسيرة الصراع المتواصل مع الاحتلال الصهيوني، والذي لن يتوقف إلا بتطهير المسجد من دنس من يسعون لتزييف تاريخه وتغيير هويته الإسلامية العربية.