عودة دبابات إسرائيل إلى الضفة .. احتلال متجدد أم استعراض قوة؟

أخبار حياة – في خطوة تصعيدية غير مسبوقة منذ أكثر من عقدين، دفعت قوات الاحتلال الإسرائيلي بدباباتها إلى مشارف مدينة جنين، في مؤشر واضح على توجه عسكري جديد يستهدف شمال الضفة الغربية.

وجاء هذا التحرك بعد ساعات فقط من تصريحات رسمية تؤكد عزم حكومة الاحتلال الإسرائيلي توسيع عدوانها العسكري في المنطقة، ما يثير المخاوف من مخططات ترمي إلى إعادة هندسة الواقع الديموغرافي الفلسطيني وفرض معادلات جديدة على الأرض.

عودة الدبابات إلى جنين بعد 20 عامًا

في وقت متأخر مساء السبت (22 فبراير)، رصد فلسطينيون ثلاث دبابات إسرائيلية تتحرك باتجاه “فتحة مقيبلة” قرب حاجز الجلمة العسكري في جنين، شمال الضفة المحتلة. مشهد كهذا لم يُشاهد منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، ما أثار حالة من التساؤلات في الأوساط الفلسطينية، التي اعتبرت ذلك نذير تصعيد خطير.

“السور الحديدي”.. تهجير وإعادة تشكيل للضفة

التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية جاء مدعومًا بتصريحات قوية من قادة الاحتلال، أبرزها ما أعلنه وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس خلال زيارته لمخيم طولكرم، حيث أعلن استمرار “عملية السور الحديدي” لفترة طويلة، متوعدًا بعدم السماح لسكان المخيمات بالعودة إليها هذا العام، في خطوة تهدف إلى تفكيك الحاضنة الشعبية للمقاومة وإعادة رسم المشهد السكاني.

في 21 يناير الماضي، بعد يومين من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أطلقت قوات الاحتلال هجومًا عسكريا واسعا في الضفة الغربية تحت اسم “السور الحديدي”، مستهدفةً مخيمات اللاجئين شمالي الضفة، ابتداء من جنين ومخيمها. أدت هذه العمليات إلى عشرات الشهداء وتهجير 40 ألف فلسطيني، سرعان ما أعلن وزير جيش الاحتلال عدم السماح لهم بالعودة إلى منازلهم في الوقت الحالي.

التهجير القسري وإعادة تشكيل المشهد الفلسطيني

وفقًا للمعطيات، فإن الاحتلال ينتهج سياسة تصعيدية تهدف إلى إعادة هندسة الواقع الفلسطيني في شمال الضفة، إذ تشير تقارير إسرائيلية إلى أن نحو 40 ألف فلسطيني هجّرهم الاحتلال قسرًا من مخيمات جنين ونور شمس وطولكرم، ما يثير مخاوف من مخطط إسرائيلي طويل الأمد يهدف إلى تفريغ هذه المناطق من سكانها وتهيئتها لمشاريع استيطانية أو ضمها إلى سيادة الاحتلال.

استعراض قوة أم استراتيجية عسكرية جديدة؟

المحلل السياسي سليمان بشارات يرى في هذه التطورات محاولة إسرائيلية لإعادة فرض سيطرة عسكرية كاملة على الضفة، بأساليب تجمع بين العمليات الميدانية والاستراتيجية السياسية.

ويربط بشارات – حسب ما نقلته الجزيرة- بين نشر الدبابات والتصعيد العسكري في غزة، مشيرًا أن إسرائيل تحاول ترميم صورة جيشها بعد الانتكاسات التي مُني بها خلال المواجهات الأخيرة.

من جهته، يرى الخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى أن التصعيد الإسرائيلي يأتي في لحظة سياسية حساسة، إذ يسعى اليمين الإسرائيلي لاستغلال الوضع لفرض أجندته بإنهاء اتفاق أوسلو وإعادة احتلال الضفة الغربية، مستغلًا الأوضاع الإقليمية والدولية لتحقيق ذلك.

نحو مشهد أكثر تعقيدًا

مع استمرار العملية العسكرية وتزايد التهديدات الإسرائيلية، يبدو أن الضفة الغربية مقبلة على مرحلة جديدة من المواجهة، قد تحمل في طياتها تغييرات جذرية في طبيعة الصراع مع الاحتلال. وسط هذه التطورات، يؤكد الفلسطينيون عزمهم على مواجهة هذه المخططات وإفشالها، وسط تساؤلات مريرة عن استمرار غياب موقف دولي حاسم يردع إسرائيل عن سياساتها العدوانية.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات