أخبار حياة – حذر خبراء الآثار والبيئة من الخطر المتزايد الذي تشكله الفيضانات المفاجئة على محمية البترا الأثرية، إذ باتت تشكل تهديدا مباشرا للمعالم المنحوتة في الصخور الوردية، لاسيما مع ازدياد حالات السيول الجارفة في المنطقة. وتعمل سلطة إقليم البترا التنموي السياحي على تكثيف جهودها لحماية هذا الإرث العالمي الفريد.
و يؤكد خبير الأثآر الدكتور محمد الطراونة، أن الفيضانات المفاجئة من أخطر الظواهر الطبيعية التي تهدد مدينة البترا ، إذ تتسبب الأمطار الغزيرة في تدفق كميات كبيرة من المياه عبر الوديان والشقوق الصخرية، ما يؤدي إلى تآكل المعالم الأثرية والمنحوتات الحجرية، بالإضافة إلى تأثير الرطوبة الكبير على واجهات الحجر الرملي، مشيرا الى ضرورة إعادة تأهيل السدود النبطية للحد من مخاطر الفيضانات.
من جهته ، أكد أستاذ جيولوجيا المياه والبيئة والاستكشاف الجيوفيزيائي في جامعة الحسين بن طلال الدكتور محمد الفرجات، أن الفيضانات تؤثر بشكل كبير على صخور وآثار محمية البترا، اذ تسرع عمليات الحت والتعرية، لاسيما أن معظم آثار المدينة منحوتة في صخور رملية ذات تماسك متباين، وضعفها يزيد من تعرضها للتآكل والانهيار بفعل تدفق المياه الجارف، إضافة إلى فقدان تدريجي للمعالم الأثرية.
وفيما يخص التباين الحراري يقول خبير الآثار والباحث طاهر الفلاحات، إن الفرق الكبير في درجات الحرارة بين الليل والنهار يزيد من المخاطر التي تواجه الموقع الأثري، لا سيما أن طبيعة الصخور رملية أي سهلة التأثر بعوامل الطقس المختلفة، وارتفاع وانخفاض الحرارة المتكرر يؤدي إلى تشققات وتصدعات في الصخور والمعالم الأثرية.
من جهتها، أشارت خبيرة الدراسات المناخية والنمذجة الهيدرولوجية، والمسؤولة عن قسم إدارة المخاطر في سلطة إقليم البترا، الدكتورة دانية العيساوي، إلى أن التغير المناخي يشكل تهديدا متزايدا على المواقع الأثرية في الأردن، وعلى رأسها البترا، التي أصبحت أكثر عرضة للفيضانات المفاجئة بسبب التغيرات في أنماط الطقس. وكانت فيضانات تشرين الثاني عام 2018 مثالا واضحا على ذلك، حيث استدعت إخلاء السياح من الموقع، ما يبرز الحاجة الملحة لتعزيز إجراءات الحماية والتكيف مع هذه الظواهر المناخية المتزايدة.
وأشارت إلى أن حماية البترا تتطلب نهجا متكاملا يجمع بين البحث العلمي والتخطيط الهندسي والإدارة البيئية المستدامة، لضمان الحفاظ على هذا الموقع الأثري الفريد للأجيال القادمة.