أخبار حياة – حولت وزارة المالية الإسرائيلية المبلغ المتبقي من أموال المقاصة عن شهر كانون الثاني الماضي للحكومة الفلسطينية، في الأسبوع الأخير من شهر شباط الماضي، وذلك بعد القرصنة التي تطال منذ تشرين الأول – أكتوبر 2023، نحو ثلثي المبلغ المتحصل من العائدات الضريبية الفلسطينية بذريعة خصم مُخصصات غزة، وقيمة المستحقات التي تتلقاها عائلات الأسرى والشهداء، إضافة إلى صافي الإقراض.
– خطوةٌ إسرائيليةٌ جديدة نحو تصفير المقاصة الفلسطينية .. “سموتريتش” يصادر 320 مليون شيكل لصالح عائلات القتلى الإسرائيليين
وجرت عملية التحويل بعد تأخير استمر لنحو 3 أسابيع، عقب قرار وزير المالية في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، منتصف شباط الماضي، مصادرة 320 مليون شيقل من أموال الضرائب التي تُجمع لصالح السلطة الفلسطينية، وتحويلها إلى عائلات القتلى الإسرائيليين.
ووفقًا لإذاعة جيش الاحتلال ، أشار “سموتريتش” إلى أن هذه الخطوة جزءٌ من سلسلة إجراءات تهدف إلى وقف تمويل السلطة الفلسطينية للعمليات الفلسطينية وعائلات المنفذين.
– قرار “سموتريتش” ليس مفاجئاً، وعشرات الدعاوى القضائية على السلطة الفلسطينية، منظورة الآن أمام المحاكم الإسرائيلية
الباحث الاقتصادي مؤيد عفانة، يقول إن قرار “سموتريتش” ليس مفاجئاً، ويُرجح أن تلي هذا القرار سلسلة من القرارات المُماثلة، عملاً بإنفاذ أحكام قانون أقره كنيست الاحتلال في شهر آذار من العام الماضي 2024، ويقضي بتعويض عائلات القتلى الإسرائيليين بـ10 ملايين شيكل عن كل قتيل، وتعويض جرحى ومصابي العمليات الفدائية الفلسطينية بـ5 ملايين شيكل عن كل جريح.
ويشير عفانة في حديثه لـ”نشرة وطن الاقتصادية”، وتبث عبر شبكة وطن الإعلامية، إلى أن عشرات الدعاوى القضائية على السلطة الفلسطينية، منظورة الآن أمام المحاكم الإسرائيلية، بحجة أن السلطة تقوم بدعم عائلات منفذي العمليات، ويقول إن قرار “سموتريتش” مصادرة 320 مليون شيقل من أموال الضرائب التي تُجمع لصالح السلطة الفلسطينية، وتحويلها إلى عائلات القتلى الإسرائيليين، سيزيد من أعباء المالية على السلطة الفلسطينية.
وتقتطع “إسرائيل” من أموال المقاصة نحو 53 مليون شيكل بدل مُخصصات عائلات الشهداء والأسرى، ونحو 275 مليون شيكل بدل مُخصصات غزة، وجزءً من بدل صافي الإقراض بشكل شهري، منذ السابع من أكتوبر 2023.
وبخطىً مُتسارعة تسير “إسرائيل” باتجاه تصفير المقاصة الفلسطينية، بهدف الخنق الاقتصادي المُبرمج للشعب الفلسطيني وللخزينة العامة، لإنفاذ خُطة الضم وحسم الصراع، يقول عفانة.
– الفرص والخيارات أمام السُلطة الفلسطينية للإيفاء بالتزاماتها ضيقةٌ جداً
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي الشامل على الفلسطينيين في السابع من أكتوبر 2023، تتصاعد المؤشرات الدالة على ذلك، بينما تضيق الفرص والخيارات أمام السُلطة الفلسطينية للإيفاء بالتزاماتها تجاه الموظفين العموميين، وموردي القطع الخاص، لا سيّما مع بلوغ سفق الاقتراض البنكي للحكومة الفلسطينية سفقه الأعلى، وهو الأمر الذي يستدعي البدء بمعالجة هذا الملف والعمل ضمن سياقات قانونية ودولية، للضغط على حكومة الاحتلال من أجل تحرير أموال المقاصة الفلسطينية، يقول عفانة.
ويتابع: “آن الأوان للعمل ضمن سياق استراتيجي، حيث إن أموال المقاصة باتت سيفاً إسرائيلياً مُسلطاً على أعناق الفلسطينيين، بما يهدد الكينونة الفلسطينية بشكل مباشر”.
– الاستمرار في الحلول الترقيعية لم يعد مُمكناً لاعتبارات موضوعية مُتعددة، ما هي؟
ورغم توجه السلطة الفلسطينية على مدار أشهر العدوان الإسرائيلي المُستمر لحلول جزئية وترقيعية، إلّا أن الاستمرار في الحلول الجزئية لم يعد مُمكناً لاعتبارات موضوعية مُتعددة، وفي مقدمتها بلوغ سقف الإقراض البنكي للحكومة حده الأقصى، وتراكم المُستحقات المالية لموظفي القطاع العام وموردي القطاع الخاص.
وبشأن الوعود الأوروبية بتقديم نحو 400 مليون يورو، لدعم الخزينة الفلسطينية العامة في العام القادم 2026، يقول عفانة إن الأموال الأوروبية لن تُغني عن أموال المقاصة الفلسطينية، مشيراً إلى أن أموال المقاصة حقٌ خالصٌ للفلسطينيين.
– أزمات السُلطة المالية ستزداد تعقيداً .. مع استمرار العدوان على شمال الضفة
وفي ختام حديثه يؤكد عفانة أن الأزمات المالية المُتراكمة ستزداد تعقيداً، مع استمرار “إسرائيل” بتدمير البُنية التحتية الحيوية في محافظات شمال الضفة، وذلك بهدف الخنق المُمنهج لاقتصاد الضفة، وخلق واقع اقتصادي صعب، وتحويل الضفة إلى بيئة طاردة للسُكان وغيرَ قابلة للعيش، وفي ظل هذه الحالة الاقتصادية المُعقدة يُصبح التهجير الطوعي خياراً لا مفر منه، وأحدُ خيارين أحلاهُما مُر، فإما البقاء في ظل حالة العوز والفقر وانعدام الفرص، وإما الرحيلُ قسراً بحثاً عن فرصة للحياة والنجاة.