التنمية الاجتماعية كوزارة سيادية بالضرورة

مالك العثامنة

من وجهة نظر موضوعية، فإن وزارة التنمية الاجتماعية وزارة من الوزارات السيادية نظرا لعمق دورها ووظيفتها في تقديم الأمن المجتمعي الضروري والحيوي في الأردن.

العادة عندنا درجت ألا يهتم العموم ( ولا حتى طبقة المثقفين والكتاب) لأخبار تلك الوزارة لأن المخيال الجمعي يرى فيها وزارة “معونة اجتماعية” وجهة لضبط المتسولين في الشوارع. وهذا تصور خاطئ جدا ويلقي إلى التهلكة إن تضخم واستمر.

تعالوا نفكك المشهد:

من اهم مشاكلنا الفقر مثلا، خط الفقر هذا قد يتجاوز حدود الخطر في الأمن الاجتماعي ليصل إلى أمن الدولة القومي في مراحل معينة، ضبطه يحتاج استراتيجيات اقتصادية قوية وواقعية، ومن بينها ما تقوم به وزارة التنمية الاجتماعية من محاولات “بموازنات محدودة” لضبط الفقر.

البطالة، وكثير من مخرجاتها يتم إلقاؤها على الوزارة لتقديم الدعم “المحدود جدا” وهذا عبء متزايد على وزارة تحاول أن تجد الحلول لتلك الأزمات.

التعليم المتردي والذي نأمل ان ينجح مشروعه الطموح القادم، أيضا مرتبط بالتنمية الاجتماعية التي تدخل البيوت وتحاول أن تضيء الأمل بأهمية التعليم وضرورته بين فئات منهكة حد اليأس.

لا أحد ينتبه إلى ان وزارة التنمية الاجتماعية تحاول “بجهد استثنائي” أن تقوم بدور أكبر من إمكانياتها المادية، والخروج من نمطية الصورة السائدة عنها.

مؤخرا اطلعت على أحد مشاريع الوزارة وهو مشروع “تعزيز الحماية الاجتماعية لدعم الدمج الاجتماعي” وقد لفتني العنوان في المشروع خصوصا فيما يتعلق بالدمج الاجتماعي الذي يوحي بين ما يوحيه بحضور خطر “تفكك اجتماعي”، ويحسب للوزارة أنها انتبهت إلى ذلك.


المشروع حسب ما قرأت، هدفه تحسين جودة الخدمات الاجتماعية من خلال “مهننة العمل الاجتماعي” وهذا ترجمته رفع كفاءة العاملين في ذلك القطاع، مما يتطلب موارد مالية لعقد دورات تدريب وتأهيل وربما تعليم للموجودين في القطاع.

لكن اللافت الأكبر هو عنوان في المشروع يحمل اسم “توفير بدائل الرعاية المؤسسية”، بمعنى ان يقوم المجتمع نفسه بتفعيل دوره في الرعاية الأسرية والمجتمعية، وهذا يعني عملية توعية مكثفة لمجتمع كامل، مما يتطلب بالضرورة تمكين منظمات المجتمع المدني لتقديم خدمات اجتماعية أكثر فاعلية، وهذا يعني ان تخرج غالبية منظمات المجتمع المدني من قاعاتها الحريرية الناعمة إلى العمل الميداني الحقيقي بأفكار خلاقة مشتبكة مع المجتمع لا مع القاعات الفندقية المكيفة.

الأكثر لفتا للنظر، وهو ما يحتاج إرادة سياسية يقودها مجلس الوزراء نفسه وبتضامن جمعي حقيقي في كل الوزارات فكرة التنمية الاجتماعية بإلزام جميع العطاءات الحكومية في قطاعات النقل والأشغال والخدمات الأخرى بتشغيل الأردنيين، مما يسهم في خفض نسب البطالة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي للفئات المستهدفة. هذه السياسة تمثل نقلة نوعية في مقاربة ملف التشغيل ضمن سياسات الحماية الاجتماعية، حيث تتحول الدولة من دور الداعم المباشر إلى الممكن عبر خلق فرص عمل مستدامة.

التحدي الحقيقي الآن يكمن في آلية التنفيذ والقدرة على تحويل هذه الاستراتيجيات إلى نتائج ملموسة يشعر بها المواطن في حياته اليومية.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات