أخبار حياة – في سابقة خطيرة لم تحصل منذ عقد من الزمن منعت شرطة الاحتلال بالقوة الاعتكاف ليلة الجمعة الأولى من رمضان، في سعيٍ محمومٍ لحكومة نتنياهو المتطرفة لفرض وقائع جديدة وسياسات تهويدية سعى لفرضها اليمين الصهيوني المتطرف من قبل انطلاق معركة طوفان الأقصى.
هذا التغوّل العسكري على المسجد الأقصى المبارك لم يحصل منذ حرب غزة العام 2014، علماً أنها كانت تسمح بالاعتكاف في ليالي الجمعة والسبت وفي العشر الأواخر من رمضان في كل السنوات منذ 2015 حتى الآن، باستثناء سنة 2020 التي كان المسجد الأقصى فيها مغلقاً أمام المصلين بالمطلق تحت ذريعة جائحة كورونا.
🔴 المرابطة خديجة خويص تدعو للاعتكاف في الأقصى: اغتنموا جمعة مباركة في شهر مبارك في الأقصى المبارك، صلاة لك في جنة الأرض خيرٌ من الدنيا وما عليها
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) March 7, 2025
السعي للهيمنة
الباحث المختص في شؤون القدس زياد ابحيص، قال في تصريحاتٍ للمركز الفلسطيني للإعلام: إنّ إجراءات الاحتلال بمنع الاعتكاف تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه يتخذ من منع الاعتكاف مؤشراً لهيمنته على الأقصى، فهو يمنعه حين يجد سطوته العسكرية تشتد كما فعل في رمضان الموافق لشهر 7-2014 بالتزامن مع حرب غزة حينها وكما يفعل اليوم.
وأشار إلى أنّ الاحتلال يضطر للتراجع عن هذا المنع أمام إرادة حماية المسجد حين تحضر؛ واليوم إذ يحاول الاحتلال أن يقول إن الوعي يكوى في اتجاهٍ واحد ضدنا فقط، فإن تجربة 2014-2015 والمرافقة لحرب سابقة في غزة تقول بأن الوعي يُكوى في اتجاهين، وأنه مهما تصنع من استعراض القوة فإن وعيه يُكوى أيضاً.
وشدد على أنّ الاعتكاف في الأقصى يُعدّ اليوم مؤشرًا على مدى حضور الهوية الإسلامية في الأقصى، ومدى قدرة أهله على حمايته مقابل قدرة الاحتلال على التغول والعدوان عليه، فبقدر ما تحضر إرادة الدفاع عنه والرباط فيه تُحمى هويته ويفتح باب الاعتكاف في الأقصى عنوة، وبقدر ما يجد المحتل الثغرات للتغول بقدر ما يطمس هوية الأقصى ويغلق أبواب الاعتكاف نتيجةً لذلك.
معركة الاعتكاف قبل الطوفان
وحذر ابحيص من أنّ التحكم الصهيوني بشعيرة الاعتكاف في المسجد الأقصى يعيد إلى الأذهان معركة الاعتكاف التي وقعت في رمضان قبل عامين، وتحديداً ما بين 28-3 و9-4-2023، أي قبل طوفان الأقصى بستة أشهر، وشكلت حينها أول اشتباك متعدد الساحات وعابر للحدود انتصاراً للمسجد الأقصى، والمواجهة التمهيدية ما قبل الطوفان.
وأوضح أنّه في ذلك الوقت كان الاحتلال قد قرر حظر الاعتكاف في كل أيام رمضان باستثناء يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع ثم العشر الأواخر من رمضان، وانطلاقاً من إدراك أهل القدس والداخل المحتل والضفة الغربية لأهمية هذه الشعيرة وخصوصيتها في الأقصى وعدم جواز تحكم الاحتلال فيها هبوا –كعادتهم- لفرض الاعتكاف بدءاً من ليلة الثلاثاء السادس من رمضان الموافق 28-3-2023 فحاصرت شرطة الاحتلال المعتكفين وطردتهم من المسجد الأقصى وتكرر المشهد يوم ليلة الأربعاء 7 رمضان.
وتابع بالقول: في الأسبوع التالي؛ وفي ليلة الثلاثاء والأربعاء 13 و14 رمضان 1444 هـ الموافق 4 و5-4-2023 تكرر المشهد بعدوان وحشي على المرابطات واشتباكاتٍ في الأقصى بالألعاب النارية مقابل الرصاص المطاطي وقنابل الغاز والصوت والهراوات حتى دخلت المقاومة في غزة على خط الاشتباك، وتبعتها رشقات صواريخ من جنوب لبنان ليلة الجمعة ومن الجولان ليلة السبت، وفي ليلة الأحد 18 رمضان الموافق 9-4-2023 اضطرت شرطة الاحتلال للانسحاب من محيط الجامع القبلي والتراجع عن إنذارها لهم بإخلاء الأقصى خوفاً من تحول الاعتكاف في الأقصى لعنوان حرب شاملة.
وقال الباحث المختص بشؤون القدس: إنّ هذا أيضاً يعيد إلى الذاكرة قضيةً يفترض أنها باتت وراء ظهورنا، بأن منع الاعتكاف أو السماح به هو تحكّمٌ من شرطة الاحتلال بشعيرة إسلامية في الأقصى، وأنه لا يجوز إخراجه وكأنه قرار للأوقاف الإسلامية في القدس، لأنه لا يعقل أن تكون شرطة الاحتلال هي جهة تطبيق قرارات مجلس الأوقاف الإسلامية!
التمسك بالاعتكاف ضرورة طيلة أيام رمضان
وشدد على أنّ الموقف الصحيح والسليم الذي لا بد من التمسك به هو أن الاعتكاف في كل أيام رمضان بل وفي كل أيام السنة هو شعيرة إسلامية وحق خالص للمسلمين في الأقصى، وأن تحكُّم الاحتلال به هو جزء من مشروعه في طمس هوية الأقصى وتهويده وجزء من مسعاه طويل الأمد للإحلال الديني فيه أملاً في تحويله إلى هيكل، وأننا جميعاً –ومن بيننا مجلس الأوقاف الإسلامية- لا بد أن نقف صفاً واحداً ضد هذا العدوان والتحكم.
في سابقة لم تحصل منذ حرب غزة 2014.. منعت شرطة الاحتلال بالقوة الاعتكاف في ليلة الجمعة الأولى من رمضان، علماً أنّ باب الاعتكاف كان مفتوحاً في ليالي الجمعة والسبت وفي العشر الأواخر من رمضان خلال كل السنوات منذ 2015 حتى الآن، باستثناء سنة 2020 التي كان المسجد الأقصى فيها مغلقاً أمام… pic.twitter.com/LjH85LjkDZ
— شبكة العاصمة الإخبارية (@alasimannews) March 7, 2025
ولفت ابحيص إلى أنّ هذا يعيد إلى الأذهان تجربة عملية تشرح لنا بالضبط كيف يُفتح باب الاعتكاف في الأقصى وكيف يُغلق: ففي رمضان 1435هـ الموافق لشهر 7-2014 حاول الاحتلال منع الاعتكاف في رمضان في كل الأيام بما فيها العشر الأواخر، وهذا انتهى إلى مواجهة أحرق فيها المرابطون مركز شرطة الاحتلال المغتصب في الخلوة الجنبلاطية على صحن الصخرة، وذلك في ليلة الجمعة 28 رمضان 1435هـ الموافق 25-7-2014.
وخلص إلى أنّه عقب هذا الكيّ لشرطة الاحتلال في الأقصى؛ فُتح باب الاعتكاف طوال أيام السنة في رمضان 2015 وكان شهر رمضان الوحيد في تاريخ الأقصى الذي يفتح فيه الاعتكاف من أول يوم.
هيئة علماء فلسطين: الرباط في الأقصى واجبٌ
من جانبها أعادت هيئة علماء فلسطين التأكيد على الفتوى الصادرة عنها، والتي جاء فيها: “إنّ الرباط في المسجد الأقصى واجب كفائي على المسلمين أجمعين، والناس ينقسمون فيه إلى قسمين: قسم هم من أهل فلسطين الذين لديهم القدرة على الوصول إلى المسجد الأقصى ولو بمشقة شديدة فهؤلاء يجب عليهم أن يحققوا الكفاية من المرابطين في المسجد الأقصى طيلة أيام العام، والقسم الثاني هم بقية المسلمين فهؤلاء الواجب عليهم إعانة القادرين من أهل فلسطين وإمدادهم بما يحتاجونه، وإذا لم تتحقق الكفاية، فإن الإثم يعم كل مكلف من المسلمين في كل مكان”.
"الرباط في المسجد الأقصى واجب كفائي على المسلمين أجمعين، والناس ينقسمون فيه إلى قسمين: قسم هم من أهل فلسطين الذين لديهم القدرة على الوصول إلى المسجد الأقصى ولو بمشقة شديدة فهؤلاء يجب عليهم أن يحققوا الكفاية من المرابطين في المسجد الأقصى طيلة أيام العام، والقسم الثاني هم بقية… pic.twitter.com/xqsMzvWajC
— هيئة علماء فلسطين (@palscholars48) March 7, 2025
ووجهت هيئة علماء فلسطين رسالة بضرورة الرباط والاعتكاف في الأقصى، قائلة: يا شباب القدس والضفة الغربية والداخل المحتل، يا حماة المقدسات: انفروا نحو المسجد الأقصى.. تخطوا الحواجز.. اكسروا قرارات الاحتلال.
يا شباب القدس والضفة الغربية والداخل المحتل، يا حماة المقدسات: انفروا نحو المسجد الأقصى.. تخطوا الحواجز.. اكسروا قرارات الاحتلال
— هيئة علماء فلسطين (@palscholars48) March 7, 2025
شاهد.. شارك.. احشد.. pic.twitter.com/nMYoRHzjk0
صلوا في أقرب نقطة
كما اعادت الهيئة التأكيد على فتوى سابقة، أصدرها الشيخ عكرمة صبري: “صلّوا في أقرب نقطة ولكم أجر الصلاة بالأقصى”…
"صلّوا في أقرب نقطة ولكم أجر الصلاة بالأقصى"..
— هيئة علماء فلسطين (@palscholars48) March 7, 2025
فتوى سابقة أصدرها الشيخ عكرمة صبري المفتي العام للقدس والديار المقدسة عام 2005، بالنفير نحو المسجد الأقصى والصلاة في أقرب نقطة إليه لمن يمنعهم الاحتلال من الوصول. pic.twitter.com/ohmDmxSWDC
وقالت في منشور رصده المركز الفلسطيني للإعلام، إنّ هذه فتوى سابقة أصدرها الشيخ عكرمة صبري المفتي العام للقدس والديار المقدسة عام 2005، بالنفير نحو المسجد الأقصى والصلاة في أقرب نقطة إليه لمن يمنعهم الاحتلال من الوصول.
دعوة للرباط طيلة شهر رمضان
دعا خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، إلى تكثيف الرباط وشد الرحال إلى المسجد المبارك، خلال شهر رمضان.
وقال الشيخ صبري: “الرباط والعبادة في المسجد الأقصى المبارك عبادة وواجب ديني”.
ودعا صبري، كل مسلم قادر إلى أن يشد الرحال إلى المسجد الأقصى، لنصرته وحماية مكانته المباركة.
تحدي سياسات الاحتلال وإفشال مخططاته
وانطلقت دعوات واسعة للزحف في حشد مهيب بالمسجد الأقصى المبارك والرباط في ساحاته، تحديا لسياساتِ الاحتلال وإفشالًا لمخططاته، وذلك في الجمعة الأولى من شهر رمضان المبارك.
وأكدت الدعوات ضرورة تكثيف الحشد والرباط في الأقصى يوم غد الجمعة وخلال الأيام المقبلة وطيلة شهر رمضان المبارك، لإفشال أي مخططات تهويدية من سلطات الاحتلال والجماعات الاستيطانية.
وشددت على أهمية التمسك بالأقصى وحمايته في ظل الظروف الخطيرة التي تهدد القضية الفلسطينية ومقدساتها الإسلامية، لاسيما فيما يتعلق بتلويحات الاحتلال والإدارة الأمريكية بمخططات تهدف إلى تصفية القضية.
وذكرت أنّ كل من يستطيع الوصول إلى الأقصى، ينبغي عليه المحافظة على ديمومة الرباط، إضافة إلى التواجد الدائم في ساحاته المباركة، لصد انتهاكات الاحتلال وأطماع المستوطنين.