المسحراتي بغزة.. صوت رمضان في مدينة تحارب من أجل الحياة

أخبار حياة – رغم الدمار الذي يلفّ كل زاوية، ورغم محاولات الاحتلال طمس معالم الحياة في غزة، يبقى صوت المسحراتي صامدًا كنداء للحياة في مدينة تواجه الموت كل يوم.

لا شيء يمنع المسحراتية من الخروج، حتى لو كانت المساجد قد دُمّرت، والمآذن سُويت بالأرض، وحتى لو حاصر الخوف كل بيت.

فهم يدركون أن دورهم أكبر من مجرد إيقاظ الناس للسحور، بل هو إحياء لروح رمضان التي يحاول الاحتلال وأسلحته إخمادها.

“لن نغيب.. حتى لو اختفى كل شيء”

المسحراتي ليس مجرّد شخص يحمل طبلة، بل هو رمزٌ لتراث غزة وهويتها، وهو أحد الطقوس التي تأبى أن تغيب حتى في أشد لحظات الحرب قسوة.

الحاج “أبو إبراهيم”، أحد أقدم المسحراتية في غزة، يرفض التخلي عن دوره، رغم قصف الاحتلال للمساجد التي كان يصدح منها الأذان، ورغم استهداف البيوت التي كانت تضيء بنور رمضان.

يقول لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام: “الحرب تسرق كل شيء، لكننا نحاول أن نترك أثرًا للحياة، عندما يسكت الأذان، وعندما تُهدم المساجد، يبقى صوت المسحراتي يذكر الناس أن رمضان هنا، وأن غزة لم تنكسر”.

طبلة بين الركام.. ورسالة تحدٍّ

في حي الشجاعية، حيث لم يبقَ سوى أطلال المنازل والمساجد التي قُصفت، يسير المسحراتي محمود بحذر، يتجاوز الأنقاض، يضرب طبلته بصوتٍ لا يزال قادرًا على اختراق الجدران المحطمة.

الأطفال، رغم الخوف، يفتحون النوافذ لرؤيته، وكأنهم يبحثون عن دليل على أن الحياة لا تزال قائمة.

الحاج “أبو سعيد”، أحد سكان الحي، يقول: “لم يبقَ لنا شيء.. حتى بيوت الله قصفوها، وأرادوا أن يقتلوا روح رمضان.. لكننا نتمسك بأي شيء يعيد إلينا الإحساس بالشهر الفضيل، والمسحراتي أحد هذه الرموز التي تعيد لنا الأمل.”

“نخاف الموت.. لكننا نخاف أكثر أن نصمت”

يدرك المسحراتية في غزة أن الخروج في الليل مخاطرة، لكنهم يرفضون الاستسلام، حيث لا تزال قوات الاحتلال تخترق وقف إطلاق النار وتقتل الفلسطينين كل يوم.

الشاب محمد، الذي قرر الانضمام إلى المسحراتية رغم خوف عائلته عليه، يقول: “نعم، أخشى أن تكون هذه الليلة هي الأخيرة، لكن إن توقفنا عن قرع الطبول، فمن سيخبر العالم أن رمضان لا يزال في غزة؟ الاحتلال يريد أن يُسكت صوتنا، ونحن نرفض أن نصمت.”

المسحراتي.. صوت رمضان في مدينة تُحارب من أجل الحياة

المسحراتي في غزة ليس مجرد شخص يوقظ النائمين، بل هو آخر ما تبقى من ملامح رمضان وسط الركام.

ورغم أن الاحتلال يسعى لقتل الفرح، وطمس هوية المدينة، وتدمير المساجد، إلا أن المسحراتي يصرّ على أن رمضان لم يُمحَ، وأن غزة لا تزال تنبض بالحياة.

في غزة، يُسمع أذان الفجر ممزوجًا بصوت الطبل، وكأنها رسالة تقول للعالم: قد يقصفون بيوت الله، وقد يحاولون قتل الروح، لكن رمضان في غزة لا يُمحى، والمسحراتي سيظل شاهدًا على أن هذه المدينة لن تموت.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات