الشيباني زار العراق وأكد على تعزيز العلاقات ورفض التدخلات الخارجية

أخبار حياة – تصدّر ملفا الأمن والاقتصاد جدول أعمال زيارة وزير الخارجية السورية، أسعد الشيباني، أمس الجمعة، إلى العاصمة بغداد. ففيما أكد رغبة بلاده بتعزيز العلاقة بين دمشق وبغداد، عبّر عن رفضه للتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية لكلا البلدين، معتبراً أن سوريا تواجه تحدي إعادة البناء.
وفيما يعوّل نظيره العراقي، فؤاد حسين، على تشكيل «غرفة العمليات المشتركة» لمحاربة «الإرهاب» مشدداً على أهمية عدم إغفال دور «التحالف الدولي» المناهض لتنظيم «الدولة الإسلامية» في هذا الشأن، جدد رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني «التأكيد على موقف العراق الواضح والثابت في احترام خيارات الشعب السوري».

وحدة الصف

ووصل الشيباني إلى العاصمة العراقية بغداد، في زيارة رسمية غير معلنة، للقاء المسؤولين العراقيين، وكان في استقباله حسين.
وفي مؤتمر صحافي مشترك، قال الشيباني: «نحن في بغداد في لحظة نجدد فيها وحدة الصف بين سوريا والعراق والتأكيد على الروابط العميقة بين البلدين الشقيقين».
ورأى أن «مصائرنا مشتركة والبلدان يجب أن يقفا ضد التهديدات وضد التدخلات الخارجية التي يتعرضان لها، كما أننا مستعدون للتعاون مع العراق في محاربة داعش» واصفاً أمن سوريا بأنه «من أمن العراق».
ولفت إلى أن «الهدف من زيارتنا تعزيز التبادل التجاري بين البلدين وإزالة العوائق التي تحول دون ذلك» منوهاً إلى أن «فتح الحدود بين بلدينا سيكون خطوة أساسية في تنمية العلاقات».
وأضاف: «نحن شعب واحد وجزء من الأمة العربية ويجب أن نواصل تعزيز علاقاتنا ليس كحكومات فحسب بل كشعوب لتحقيق مستقبل أفضل».
وأكد أيضاً أن «الطريق لن يكون سهلاً، لكننا واثقون أن دمشق وبغداد ستخرجان من هذه المرحلة أقوى مما مضى».
وتابع: «على سوريا والعراق التعاون لرفض أي تدخل خارجي تملي علينا فيه قوى خارجية ما نفعله» لافتاً إلى أن «سوريا تواجه تحدي إعادة البناء، وهو تحد يفهمه العراق».
ونوّه إلى أن بلاده ملتزمة بـ«تسهيل حركة السلع والخدمات والاستثمار مع العراق».
فيما بين حسين أن التهديدات الآنية للمجتمع السوري والعراقي مشتركة، فيما أشار إلى أن غرفة عمليات محاربة التنظيم سترى النور قريباً.
وقال خلال المؤتمر الصحافي المشترك إن «العلاقات العراقية السورية تاريخية، والتهديدات الآنية للمجتمع السوري والعراقي مشتركة وأولها «داعش» وفي اجتماعنا تحدثنا بصورة تفصيلية عن تحركات داعش في الداخل السوري والعراقي» مشيرا الى ان «المجتمع السوري عانى مثلنا من سياسات حزب البعث».
وأضاف أن «سوريا كانت في نضال مستمر للتخلص من النظام الشمولي ونظام الفرد الواحد، وبحثنا مع الوفد السوري تشكيل غرفة عمليات مشتركة لمواجهة تنظيم الدولة».
وأشار إلى أن «اجتماع عمان كان مهما، وسوف نستمر بالعمل مع الدول المعنية الخمس، لكن يجب ان لا نهمل التحالف الدولي فهو تأسس لمحاربة «داعش» وكانت «داعش» ولادتها في سوريا والعراق، اذا فإن العمل الإقليمي مهم لكن يجب ان لا نهمل العمل الدولي».
واستطرد أن «غرفة العمليات التي أسست في عمان لمحاربة «داعش» سوف ترى النور قريبا» مبينا أن «الاقتصاد العراقي تعرض للدمار، كما تعرض الاقتصاد السوري أيضا، وإعادة بناء الاقتصاد تجربة عراقية سنضعها بخدمة السوريين».

ملفا الأمن والاقتصاد تصدرا جدول أعماله… والسوداني: نحترم خيارات السوريين

وتابع: «طرحنا فكرة تأسيس مجلس تعاون بين العراق وسوريا، لبحث كل القضايا الأمنية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية» مؤكدا أن «عدم الاستقرار في سوريا يؤثر مباشرة على الأوضاع في العراق، والعراقيون دفعوا ثمناً كبيراً إزاء الحرب الطائفية».
وأكد حسين مناقشة «الأحداث في الساحل السوري، وعبرنا عن قلقنا لما يحصل هناك، وفي الوقت نفسه ناقشنا ملف اللجنة المشكلة السورية لمتابعة هذا الموضوع» مستدركاً: «نتمنى أن تكون هناك عملية سياسية تشمل جميع المكونات في سوريا، لأن إهمال أي طيف في المجتمع أحيانا يؤدي إلى الفوضى».
وتطرق إلى الاتفاق بين الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس «قسد» مظلوم عبدي، معتبراً أنه «اتفاق مهم ونتمنى أن يتم تطبيقه لتحقيق مصلحة سوريا وبناء علاقات متوازنة بين جميع المكونات».
عقب ذلك، التقى الشيباني رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني.
وجرى خلال اللقاء «التأكيد على موقف العراق الواضح والثابت في احترام خيارات الشعب السوري، بكلّ مكوناته وأطيافه والحرص على أمن واستقرار سوريا، الذي ينعكس على أمن واستقرار المنطقة، وبهذا الصدد تم التأكيد على أهمية استمرار المشاورات السياسية والأمنية بين البلدين» وفق بيان لمكتب الشيباني.
وأكد رئيس مجلس الوزراء على ضرورة المضي بعملية سياسية شاملة تحفظ التنوع والسلم الاجتماعي، مشيراً إلى أهمية احترام معتقدات ومقدسات كل فئات وشرائح الشعب السوري، وعدم القبول بأي اعتداءات أو انتهاكات تحصل ضد أي مكون منهم.
كما أكد على وحدة الأراضي السورية، ورفض جميع التدخلات في الشأن السوري، خصوصاً مع ما يجري اليوم من سيطرة جيش الكيان الغاصب على أراضٍ سورية.
وأعرب عن استعداد العراق للمساهمة في دعم سوريا وإعادة إعمارها، وتقديم جميع التسهيلات اللازمة في هذا الشأن، مع التأكيد على أهمية التنسيق لمواجهة مخاطر الإرهاب لتحقيق الاستقرار الداعم لإعادة إعمار سوريا والعمل على مواجهة الخطاب الطائفي.

خطوة مهمة

في السياق، رحّب السياسي العراقي السنّي، مشعان الجبوري، بزيارة الشيباني إلى العراق، معتبراً إياها خطوة مهمة في تعزيز العلاقات بين البلدين.
وقال في «تدوينة» له: «نرحب بالأخ أسعد الشيباني، وزير خارجية سوريا، في بلده الثاني العراق، متمنيًن له النجاح في مهمته. آملين أن يتجاوز الأجواء الرافضة لهذه الزيارة، والتي تعكس عدم تقبل البعض لحقيقة أن العرب السنة في سوريا أصبحوا يقودون بلدهم».
ودعا الجبوري، الوزير السوري، إلى أن «يتذكر أن القادة الجدد في سوريا نجحوا في تفكيك مشروع الهلال الشيعي، الذي أنفقت عليه إيران مليارات الدولارات، وقدّم محور المقاومة تضحيات كبيرة للحفاظ عليه كذراع استراتيجية في المنطقة».
ورأى أن «من الطبيعي أن تسعى طهران وأدواتها لتخريب أي تقارب عراقي – سوري، وافتعال الأزمات لإفساد العلاقة بين البلدين، لأن قبول الواقع الجديد في المنطقة أصعب عليهم من قبول قرار إيقاف الحرب بين العراق وإيران عام 1988».

تعزيز العلاقات

كذلك شدد رئيس تحالف «السيادة» خميس الخنجر، على أهمية تعزيز العلاقات العراقية ـ السورية، ودورها في تعزيز استقرار المنطقة.
وقال في «تدوينة» له، «نرحب بوزير الخارجية السوري الأخ أسعد الشيباني في بلده الثاني العراق» معتبراً إن زيارة الشيباني تأتي «تأكيدا على أهمية العلاقات الأخوية والتاريخية بين العراق وسوريا».
وأكد أن «التعاون والتفاهم المشترك بين البلدين يمثلان ركيزة أساسية لتحقيق مصالح الشعبين وتعزيز الاستقرار في المنطقة».
البرلماني العراقي السابق عمر عبد الستار قال في تصريح خاص لـ «القدس العربي»: إن زيارة وزير الخارجية السورية إلى بغداد جاءت بعد تردد سوري، في ظل تحضير بغداد لعقد القمة العربية المقبلة.
وأضاف: لدينا مشهد صعب نتيجة العلاقات بين سوريا والعراق بعد التغيير في 8 ديسمبر، فأصبح البلدان كل يدور في مدار جيوسياسي مختلف عن الآخر، إذ ينحاز العراق نحو إيران، بينما تنحاز سوريا إلى البوصلة الدولية، وهناك تصعيد خطير من قبل إيران.
وحسب البرلماني العراقي السابق، فإن الزيارة تأتي بينما «تعمل الدول المعنية على خلق «محور جديد، وهو محور تحرص تركيا والأردن على تشكيله، وهو الذي نشأ بعد أول لقاء لدول الجوار في عمان بعد سقوط الأسد، وهو محور أمني، قد يكون من أجندته منع إيران من تنفيذ انقلاب آخر في سوريا، والتصدي لها إذا فعلت ذلك في العراق، هذه المسالة تمضي في ظل ضغط أمريكي واسع النطاق ضد حكومة محمد شياع السوداني في العراق».
واعتبر أن «هذه الزيارة هي فرصة لهذا المحور لدفع العراق بعيدا عن إيران، ولكن هناك شكوك في أن ينجح هذا المحور، الذي يسعى لأن تكون بغداد هي العاصمة الثالثة التي تتحرر من إيران بعد بيروت ودمشق».
وحول أهمية هذه الزيارة، رأى الباحث السياسي عباس شريفة في حديث مع «القدس العربي» أن الزيارة لها أهمية خاصة، باعتبار أن العراق بلد مجاور لسوريا، سيما أنها جاءت بعد تعثر الزيارة الأولى بسبب ضعف التنسيق، والخشية من الاختراقات الأمنية في العراق.
وحسب المتحدث، فإن الشيباني تناول في الزيارة مجموعة من القضايا الملحة، حيث بحث الكثير من الملفات التي تهم البلدين، خصوصا قضية أمن الحدود السورية – العراقية، سيما أن الحكومة السورية بعد الاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية ستتولى مهمة إدارة الحدود السورية والمعابر التي تربط بين شرق سوريا والعراق.
بالتالي لا بد من «ترتيب هذه الأمور خلال الزيارة التي تناولت أيضا مصالح مشتركة تتعلق بضبط خلايا تنظيم «داعش» وحماية البلدين من عودة هذه الخلايا والتنظيمات لنشاطها من جديد» وفق المتحدث.
كما ناقشت الزيارة «ملف الحجاج العراقيين الذين يرغبون بالحج إلى المراقد الشيعية في سوريا، وأيضا ملف فول النظام التي هربت إلى العراق بعد سقوط الأسد المخلوع» معتبرا انها أهم الملفات التي بحثها وزير الخارجية السوري في العراق.
ولفت شريفة أيضا إلى قضية التدخلات الإيرانية في الشأن السوري، ومحاولة إعادة إنتاج خلايا مرتبطة إيران من خلال استغلال نفوذها في الأراضي العراقية، معتبرا أن كل هذه الملفات وأخرى طرحها الوزير الشيباني.
وكان من المقرر أن تحطّ طائرة الشيباني على أرض العاصمة الاتحادية بغداد في شباط/ فبراير الماضي، غير أن «حملة على مواقع التواصل» سببت تأجيل الزيارة، حسب تصريحات سابقة لحسين.
في الشهر ذاته، كشفت وزارة الخارجية العراقية، عن تلقي الشيباني دعوة رسمية من حسين، لزيارة العراق، مبينة أن الشيباني أبدى «رغبته في تلبية الدعوة، التي تأتي في إطار بحث العلاقات الثنائية بين البلدين ومناقشة التطورات الأمنية والسياسية الإقليمية» حسب بيان صحافي.
وفي أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2024، أجرى حسين أول اتصال هاتفي مع الشيباني.
وناقش الوزيران حينها «القضايا ذات الاهتمام المشترك، وأكدا أن استقرار وأمن البلدين مترابطان» فيما أشار الوزير الشيباني إلى أن «أمن وسلامة العراق يشكلان جزءاً لا يتجزأ من أمن وسلامة سوريا».
وفي حين تطرق حسين إلى «التحركات الأخيرة لعناصر تنظيم «داعش» على الحدود المشتركة» مشدداً على أهمية «تعزيز التعاون والتنسيق لمواجهة هذه التهديدات» أكد الوزير الشيباني «استعداد الجانب السوري للتنسيق الكامل مع العراق لمواجهة تلك الجماعات ومنعها من تهديد أمن البلدين».

القدس العربي

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات