صدام المؤسسة العسكرية بائتلاف نتنياهو يزيد نزيف دولة الكيان ويعمّق الانقسام

أخبار حياة – أكد خبراء ومحللون ومراكز دراسات أنّ ما يجري في دولة الاحتلال الإسرائيلي من تعديلات قضائية وتجميد إقالة رئيس الشاباك وقرارات فصل الجنود من سلاح الجوّ بسبب احتجاجهم ورفضهم لاستمرار الحرب على غزة من شأنها أن تعمّق الانقسام الإسرائيلي الأمر الذي قد يصل إلى حد الصدام داخل المؤسسات.
تعميق الانقسام
وفي هذا السياق، قال مركز الدراسات السياسية والتنموية في تقدير موقف: إن لتعديلات القضائية في الكيان الإسرائيلي تعمّق الانقسام في إسرائيل؛ كما أن قرار المحكمة بتجميد إقالة رئيس الشاباك يؤجل الصدام المؤسسي.
وكشف تقدير موقف حديث أن الكيان الإسرائيلي بات على أعتاب أزمة داخلية متصاعدة، في ظل إصرار الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو على استئناف خطة التعديلات القضائية، التي تُعيد هيكلة العلاقة بين السلطات الثلاث وتُهدد استقلال القضاء، في وقت لا تزال تداعيات حرب 7 أكتوبر مستمرة.
وجاء في التقدير الذي أعده مركز الدراسات السياسية والتنموية أن المحكمة العليا الإسرائيلية حاولت مؤخرًا احتواء الصدام المتصاعد بين السلطتين التنفيذية والقضائية من خلال قرار بتجميد إقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، مانحة حكومة الاحتلال مهلة للتوصل إلى تسوية قانونية حتى العشرين من نيسان الجاري، وهو ما اعتُبر محاولة لتأجيل الانفجار الدستوري لا منعه.
واعتبر أن الأزمة لم تعد محصورة في بُعد قانوني، بل تحوّلت إلى صراع على هوية الكيان وطبيعة النظام السياسي فيه، في ظل اتهامات من المعارضة بأن الحكومة تسعى لتفكيك أسس الحكم الديمقراطي لصالح سلطة تنفيذية مطلقة.
وجاء في التقرير: “قرار المحكمة الأخير أنقذ الكيان مؤقتًا من مواجهة دستورية، لكنه لم يُنهِ حالة التآكل المستمر.
وسلّط التقرير الضوء على استمرار حالة الغليان في الشارع الإسرائيلي، رغم تراجع زخم الاحتجاجات بعد الحرب، بالإضافة إلى الانقسامات داخل المؤسسة الأمنية التي عبّرت مرارًا عن مخاوفها من مضي الحكومة في مسار التعديلات، محذّرة من “انكشاف أمني” واستغلال من “قبل الأعداء”.
وكان نحو 10 آلاف جندي وضابط احتياط، بينهم طيارون، قد وقّعوا على تعهد بعدم الخدمة في حال تمرير التشريعات، في وقت بعث فيه قادة أمن سابقون برسائل تحذيرية إلى نتنياهو.
تقدير موقف لمركز الدراسات السياسية والتنموية أربعة سيناريوهات محتملة للأزمة:
1. تصعيد تدريجي من قبل الحكومة دون مواجهة مباشرة حالياً.
2. صدام مؤسساتي محتمل إذا فشلت جهود التسوية بشأن رئيس الشاباك.
3. تفكك الائتلاف والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
4. تسوية مؤقتة تؤجل الانفجار الداخلي.
واختتم التقدير بالتأكيد أن الكيان الإسرائيلي يواجه حالة من الاستنزاف الداخلي المزمن، وأن قرار المحكمة بتجميد الإقالة وفّر فرصة نادرة لتأجيل الانفجار، لكن بقاء التعديلات القضائية على الطاولة، وغياب تسوية سياسية شاملة، يجعلان الانقسام مرشحًا للتوسع في أي لحظة.
اشتباك المؤسسة العسكرية مع ائتلاف نتنياهو
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة في تعليقه على القضية: رسالة من 950 طيارا من سلاج الجو تعتبر أن حرب غزة تخدم مصالح سياسية لا أمنية، وأن استمرارها لا يُسهم في تحقيق أي من أهدافها المُعلنة، وسيؤدي إلى مقتل أسرى وجنود من الجيش ومدنيين أبرياء، واستنزاف خدمة الاحتياط.
ولفت الزعاترة في منشور له على منصة إكس، رصده “المركز الفلسطيني للإعلام، إلى أنّ الرسالة جزء من اشتباك المؤسّسة الأمنية والعسكرية مع ائتلاف نتنياهو، وتأتي لاحقة لمسلسل انتقادات مُعلنة من فاعلين حاليين وسابقين في المؤسّسة.
وأضاف، هي تابعة تابع لسلسلة العواصف التي أشعلها “الطوفان” في “الكيان”، وجاءت حرب الإبادة لتجعلها أكثر سوءا بكثير.
وشدد على أنّ هذه الرسالة تعبر عن “هشاشة على كل صعيد، لا يُسعفها سوى بؤس النظام العربي الرسمي، وفي مقدمته عُصبة أدمنت العار تزعم تمثيل الشعب الفلسطيني، وتزايد كأنها عنوان البطولة، وليست مَن خذل غزة، وترك الضفة مُستباحة للغُزاة”.
وتابع بالقول: تأمّلوا رسالة الطيارين الصهاينة، مقابل بيانات العُصبة الفتحاوية عن منح “حماس” الذرائع للعدو لاستمرار حرب الإبادة، كي تدركوا أن سقوط الأخيرة بلا قاع.
القوة الضاربة في الجيش تحتج
ويمثل قرار فصل جنود احتياط نشطين في سلاح الجو الإسرائيلي بعد اعتراضهم على مواصلة الحرب في قطاع غزة سلاحا ذا حدين، لأنه قد يعمق الخلاف داخل الجيش، برأي الخبير العسكري اللواء محمد الصمادي.
وفي وقت سابق اليوم الخميس، صادق رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير على قرار فصل عدد من الجنود الذين وقعوا على عريضة تطالب بإنهاء الحرب، وتؤكد رفضهم عزل رئيس جهاز الشاباك رونين بار والمستشارة القضائية للحكومة.
وتعكس هذه العريضة -التي وقع عليها نحو ألف عسكري بينهم قادة متقاعدون كبار- عدم قدرة الحرب على تحقيق أهدافها المعلنة، كما قال الصمادي في حديث مع قناة الجزيرة.
واللافت في هذه العريضة برأي الصمادي، أنها حظيت بدعم عدد من كبار القادة المتقاعدين في الجيش الإسرائيلي وقعوا عليها للتأكيد أن الحرب أصحبت تستخدم لتحقيق أهداف حزبية.
وعلى الرغم من أن الخبير العسكري أكد ضرورة الحسم مع المعترضين في وقت الحروب، فإنه يعتقد أن فصل المعترضين قد يكون قرارا مندفعا، لأنه ربما يعمق الأزمة داخل الجيش ويعزز الانقسام الداخلي.
كما أن انخراط سلاح الجو في التجاذبات السياسية التي أصبح الجيش في القلب منها قد يؤثر في عملياته العسكرية خلال الفترة المقبلة، حسب الصمادي الذي أشار إلى أن الطيارين يمثلون القوة الضاربة في المعارك.
مخاوف الاحتلال إزاء المحتجين
وكان رئيس الأركان الإسرائيلي أكد أن توقيع الجنود على العريضة “يُعتبر أمرا خطيرا”، وقال إنه “لا يمكن للمجندين في القواعد العسكرية التوقيع على رسائل ضد الحرب ثم العودة إلى الخدمة”.
ونشر 970 جنديا من الاحتياط الحاليين والسابقين في سلاح الجو رسالة تدعو إلى إعادة جميع الأسرى الإسرائيليين من غزة، حتى لو على حساب إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عام ونصف.
ووفق هيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، فقد أثارت الرسالة عاصفة في المستويات العليا للقوات الجوية الإسرائيلية حيث وقع عليها القائد الأسبق لأركان الجيش الفريق (احتياط) دان حلوتس، والقائد الأسبق لسلاح الجو اللواء (احتياط) نمرود شيفر، والرئيس الأسبق لسلطة الطيران المدني العقيد (المتقاعد) نيري يركوني.
كما وقع على الرسالة الرئيس السابق لقسم الموارد البشرية بالجيش اللواء (متقاعد) غيل ريغيف، والعميد (متقاعد) في سلاح الجو ريليك شافير، والعميد (متقاعد) في السلاح نفسه أمير هاسكل، والعميد (متقاعد) عساف أغمون.