صفوت عمارة: علامة قبول الطاعة التوفيق لطاعة بعدها

أخبار حياة – قال الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، إنّ من علامات قبول الطاعة أن يوفق العبد لطاعة بعدها، وإن من علامات قبول الحسنة فعل الحسنة بعدها، وفي ذلك يقول الحسن البصري: “إنَّ من جزاء الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها، فإذا قبل اللَّهُ العبد فإنه يُوفقه إلى الطاعة، ويصرفه عن المعصية”، فإذا قبل اللَّهُ منك الطاعة يسَّر لك أخرى لم تكن في الحسبان، بل وأبعدك عن المعصية ولو اقتربت منها.
وأضاف «عمارة»، أنَّ صيام التطوع في شهر شوال بمنزلة السُنة المؤكدة البعدية في صلاة الفريضة بالنسبة لشهر رمضان كالسُّنة الراتبة، وصيام الستة أيام من شوال سُنة حثنا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، على فعلها وبيَّن فضلها؛ فعن أبي أيوب الأنصاري رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر» [رواه مسلم]، وفي ذلك قال ابن رجب: “أفضل التطوع ما كان قريبًا من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة، فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعُد عنه”.
وأكد الدكتور صفوت عمارة، على أنَّ صيام الستة أيام من شوال يعوض النقص ويجبر الخلل الذي حصل في صيام رمضان؛ فمن رحمة اللَّه تعالى بعباده أنّ جعل لهم مع كل فريضةٍ نافلةً من جنسها؛ لتكون جابرةً لما وقع فيها من خلل، ومتممة لما يكون فيها من نقصان، ونافلة الصيام صيام التطوع كصيام ستة أيام من شوال؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يقول: «إنَّ أول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيءٌ قال الرب عزَّ وجلَّ: انظروا هل لعبدي من تطوعٍ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة؟ ثم يكون سائر عمله على ذلك». [أخرجه الترمذي وصححه الألباني]؛ فصلاة النافلة تجبر نقص الفريضة، وصيام التطوع يعوض النقص ويجبر الخلل الذي حصل في صيام رمضان.
وأشار الدكتور صفوت عمارة، إلى أنَّ الإخلاص هو أصل العمل، وبه يقبل ويتحقق الثواب؛ فالأعمال بالنيات كما أخبرنا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»، وقال الإمام عليّ بن أبي طالب، رضي اللَّه عنه: “لا تهتموا لقلة العمل، واهتموا للقبول، ألم تسمعوا اللَّه عزَّ وجلَّ يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]، وأحب الأعمال إلى اللَّه أدومها وإن قلَّت؛ فكان من هدي النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم المداومة على الأعمال الصالحة؛ فعن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: «كان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم إذا عمل عملًا أثبته» [رواه مسلم]؛ فالأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإخلاص، وعن ذلك قال ابن القيم: “الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها، وإنما تتفاضل بتفاضلها في القلوب، فتكون صورة العملين واحدة، وبينهما من التفاضل كما بين السماء والأرض”