منقذو الدفاع المدني .. أبطال يزرعون الحياة وسط ركام الموت في غزة

أخبار حياة – في قطاع غزة، حيث تُكتب الحكايات بدموع الأمهات وعرق المنقذين، لا تُقاس الأيام بالساعات، بل بعدد الأرواح التي تُنتشل من بين الأنقاض، وعدد القصص التي لا تجد نهايتها إلا في حضن شهيد أو تحت حجارة منزله.
هناك، في عمق الحصار ووسط نيران الحرب، يقف رجال الدفاع المدني وجوهًا لا تغيب عنها آثار التعب، يحملون على عاتقهم أعظم مهمة: انتشال الحياة من قلب الموت.
هؤلاء الرجال، لا يملكون المعدات الثقيلة، ولا الحد الأدنى من الأدوات التي تكفل لهم إنجاز مهماتهم، لكنهم يملكون ما هو أثمن… العزيمة، والشجاعة، والإنسانية.
وجوه في قلب النيران
يقول محمد الخطيب، أحد هؤلاء الأبطال: “منذ أكثر من عام ونصف، ونحن ننقذ الأرواح بما توفر لنا من أدوات بدائية، لا حفّارات، لا آليات، فقط أيدينا التي لا تتعب، وقلوبنا التي لا تقبل الاستسلام”.
ويضيف بصوت يختلط فيه الألم بالفخر: “أحيانًا نحفر الأرض بأظافرنا لنصل إلى طفل أو امرأة تحت الركام، نعمل تحت القصف، ونخاطر بأرواحنا، فقط لنمنح الآخرين فرصة للحياة”.
صوت من الميدان
محمود دبور، أحد أعضاء الدفاع المدني الذين لم يغادروا خطوط النار منذ اللحظات الأولى للعدوان، يروي من قلب الحدث: “نحن لا ننتظر شيئًا لأنفسنا، كل ما نريده هو أن نمنح الناس أملاً في النجاة، نعمل في ظروف لا يتحملها بشر، لكن إيماننا بواجبنا يمنحنا القوة لنستمر”.
ويتابع دبور أنه في كل مرة نخرج فيها جثة شهيد أو نُنقذ مصابًا حيًّا، نشعر بأننا أنقذنا العالم بأسره.
“كل نفس نعيده للحياة هو انتصار على الموت والحصار”، يتابع دبور.
بين النار والأنقاض
يؤكد محمود بصل، المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني، أن الوضع الميداني أقرب إلى الكارثة.
يقول: “لا نملك المعدات الأساسية لرفع الركام أو إنقاذ العالقين، المعابر مغلقة، والدعم ممنوع، وكل دقيقة تمر تعني روحًا تُزهق”.
ويضيف بمرارة: “الاحتلال لا يكتفي بقصف المباني، بل يحاصر الحياة من كل اتجاه، يمنع دخول المعدات، ويتركنا نحفر الموت لنبحث عن الحياة”.
نداء مفتوح للعالم
ورغم غياب الأدوات وتوحش النيران، لا تتوقف فرق الدفاع المدني عن العمل، بأجسادهم المنهكة، وأياديهم العارية، وقلوبهم العامرة بالإيمان، يواصلون ما لا يمكن وصفه إلا بالبطولة الحقيقية.
“نحن لا نحتاج إلى كلمات تضامن… نحتاج إلى أدوات تنقذ الأرواح، إلى ممر آمن للكرامة”، هذه العبارة تلخص ما يردده رجال الدفاع المدني في كل لحظة، وفي كل مهمة إنقاذ يخوضونها بلا أي ضمان للنجاة.
وسط الدمار، تتجلى أعظم صور الإنسانية، رجال يركضون نحو الخطر بينما يفرّ الجميع منه، فقط لأنهم اختاروا أن يكونوا جسرًا بين الحياة والموت.