المسيرة اليمنية.. خطأ غير مقصود.. أم توجيه إيراني؟
الدكتور محمود عواد الدباس
في نيسان من السنة الماضية، تم ضمن الأجواء الأردنية تفجير عدد من الصواريخ القادمة من إيران وهي في طريقها إلى إسرائيل. ولم يكن هناك أضرار بشرية أو مادية. مع إعلان الموقف الأردني برفض أن تكون الأجواء الأردنية ساحة خلفية في الصراع الإيراني الإسرائيلي.
في تشرين الأول من السنة الماضية، سقطت على الأراضي الأردنية شظايا عدة صواريخ قادمة من إيران في اتجاهها نحو إسرائيل بعد أن تم تفجيرها في الأجواء الأردنية. نعم، إنها لم تحدث أضرارًا بشرية، لكنها أحدثت هلعًا بين المواطنين. سبق ذلك تعطيل مؤقت لحركة الطيران في الأجواء الأردنية.
كما سبقه أيضًا إعادة التأكيد على الموقف الأردني الاستباقي المعلن والمتمثل بمنع استغلال الأجواء الأردنية كممر جوي لإطلاق الصواريخ المتبادلة ما بين إيران وإسرائيل. مع ذهاب وزير الخارجية إلى إيران في شهر أغسطس للتأكيد الاستباقي على ذلك. في التذكير بأسباب الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل عبر الأجواء الأردنية، ففي نيسان من السنة الماضية كان سبب الرد الإيراني هو قيام إسرائيل باستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق. وفي أغسطس كان سبب الرد الصاروخي الإيراني هو اغتيال القيادي الفلسطيني في حركة حماس إسماعيل هنية.
أمس سقطت شظايا الطائرة المسيرة القادمة من اليمن بعد أن تم تفجيرها في الأجواء الأردنية وهي في طريقها إلى إسرائيل ضمن سلسلة الضربات الصاروخية التي يطلقها الحوثيون على إسرائيل ردًا على ما يتم في غزة.
أدى سقوط شظايا الطائرة المسيرة إلى اندلاع حريق في منطقة حرجية حيث سقطت، لكن بدون أضرار بشرية. السؤال اليوم: هل سيطلب الأردن من جهة إرسال الطائرة التوقف عن ذلك؟ كما فعل مع إيران. وهل سيطلب أيضًا من الجهة التي أسقطت الطائرة عدم تكرار ذلك الإسقاط في الأجواء الأردنية كي لا تقع شظايا الطائرة التالية فوق رؤوسنا؟ .
ما تم البارحة يعد أنه المرة الأولى التي يقرر فيها الحوثيون في اليمن استهداف إسرائيل مرورًا بالأجواء الأردنية.
لكن السؤال: هل ما تم هو خطأ غير مقصود في احتسابات إحداثيات مسار الطائرة المسيرة فتم تغيير مسار العبور؟ هل هو بقية تأثير إيراني على الحوثيين في استهداف إسرائيل عبر الأجواء الأردنية في أوقات تسبق انعقاد المفاوضات الإيرانية الأمريكية من أجل استمرار استخدام الحوثيين كورقة في المفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية بما يخص أمن إسرائيل؟ السؤال الإضافي المتصل: هل هي رسالة إيرانية إلى الأردن أيضًا؟ فهو ليس على المزاج الإيراني؟ كلها أسئلة صحيحة نظريًا.
أما فيما يتعلق بالجهة المستهدفة، فإن السؤال: هل أن إسرائيل إذا كانت هي من قامت بتفجير الطائرة المسيرة في الأجواء الأردنية فهل كان هدفها إيصال رسالة أن ما يقوم به الحوثيون ومن يحركهم سوف يؤثر على أمن وسلامة الدولة الأردنية ومواطنيها؟ لخلق ردة فعل داخل الأردنيين ضد الحوثيين وضد إيران معا . أيضًا هذه أسئلة صحيحة نظريًا.
ختامًا، كان الأردن يدافع عن أمنه عبر ثلاثة جهات في ذات الوقت: من الشمال فهناك الحدود السورية حيث تجار المخدرات والاسلحة، ومن الشرق فهناك المليشيات الشيعية العراقية، ومن الغرب فهنالك تصرفات إسرائيل العدوانية المباشرة وغير المباشرة. لكن مع طائرات الحوثيين فقد أصبح هناك جبهة رابعة قادمة من الجنوب البعيد جدًا. حقًا إنها مهمة صعبة تتطلب جهودًا كبيرة وفوقها توفير معدات جوية حديثة جدًا كي نحمي حدودنا البرية والبحرية والجوية.
