أخبار حياة – قال الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور نضال أبو زيد، إن مفاهيم السيطرة، والتثبت، والتطهير، هي ثلاث ركائز أساسية في أي عملية هجومية عسكرية.
وأضاف خلال حديثه لبرنامج صوت حياة عبر أثير إذاعة حياة اف ام، أن ما حدث في جنوب قطاع غزة، وتحديدا في رفح، يظهر أن الاحتلال الإسرائيلي سيطر على بعض المحاور، لكنه لم يتثبت، ولم يطهر هذه المناطق.
وأوضح أن الاحتلال سيطر على محور موراج، لكنه لم يفرض سيطرة ميدانية كاملة على جميع مناطق رفح، التي تمثل خمس مساحة قطاع غزة.
وأشار إلى أن الشكل الجغرافي للعملية العسكرية الحالية يعكس محاصرة رفح بين محور موراج الجديد ومحور فيلادلفيا، إلا أن السيطرة الفعلية على الأرض غير مكتملة، بسبب نقص الوحدات القتالية البشرية القادرة على التثبيت والسيطرة الميدانية.
وأكد الدكتور أبو زيد أن الاحتلال يمتلك أدوات السيطرة النارية، وأجهزة الاستطلاع والاستخبارات، لكنه يفتقر إلى القدرة على التثبيت والتطهير، وهي مراحل متقدمة وأساسية لاستكمال العملية العسكرية.
واستدل على ذلك بتصريحات متضاربة لرئيس الأركان الإسرائيلي، حيث قال قبل يومين إن الجيش الإسرائيلي “سيخوض معركة ضد لواء رفح”، رغم أنه صرح قبل أربعة أشهر أنه “تم القضاء على لواء رفح بالكامل”.
ووصف أبو زيد هذا التناقض بأنه ارتباك واضح في التقييم الاستخباري الإسرائيلي تجاه قدرات المقاومة الفلسطينية، مشيرا إلى وجود ضبابية استخبارية تعيق الحكم بدقة على واقع القوة المقاومة في الميدان.
وفي السياق ذاته، أشار إلى أن الاحتلال يسعى لرفع كلفة الصمود على المقاومة عبر استهداف المدنيين، والأطفال، والحاضنة الشعبية، في محاولة للضغط على الجناح السياسي للمقاومة المتواجد في القاهرة، وإجباره على القبول بشروط المبادرة المطروحة حاليا.
وأوضح أبو زيد أن كل طرف يسعى لفرض روايته، رغم أن المقاومة تعرضت لضربات قاسية ومؤلمة، إلا أنها ما زالت قادرة على إدارة المعركة في الأبعاد السياسية، والإعلامية، والميدانية.
وأضاف أن المكون التكتيكي الذي تنتهجه المقاومة يندرج ضمن استراتيجية الاقتصاد في الجهد، وعدم منح الاحتلال فرصة لرصد قدراتها أو معرفة حجم إمكاناتها الحقيقية.
ولفت إلى أن المقاومة، رغم تعرضها لضربات استمرت أكثر من 544 يومًا منذ الـ7 من أكتوبر 2023، لا تزال تعيد هيكلة نفسها وتنظيم صفوفها.
وأوضح أن لواء رفح الذي كان يتكون من 9 كتائب، أعادت المقاومة تشكيله ليضم 6 كتائب.
وأكد أن مشاهد تسليم الأسرى من قبل المقاومة، والتفاف الحاضنة الشعبية حولها، تعكس تماسك البنية البشرية للمقاومة، رغم شدة الضربات.
وبين أبو زيد أن الاحتلال لم يعد يعتمد على العمليات العسكرية التقليدية، بل بات ينفذ عمليات نوعية غير تقليدية، تشمل الاستهداف الانتقائي، وجمع المعلومات الاستخبارية، وتغذية سلاح الجو بالأهداف، وشن غارات على منازل، خيام نازحين، وشقق مدنية.
وشدد على أن الاحتلال بات يستخدم الذكاء الاصطناعي في عمليات الاستهداف، عبر تقنيات بصمة الوجه والعين، إلى جانب تفعيل دور العملاء الذين تشغلهم شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان).
وأشار إلى أنه عقب كل هدنة أو وقف لإطلاق النار، كما حدث خلال الستين يوما الماضية، يعمل الاحتلال على إعادة هيكلة جهده الاستخباري داخل قطاع غزة، الأمر الذي يدفع المقاومة إلى أقصى درجات الحذر، والتقليل من التحركات الدعائية.