Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

المعادلة الأردنية في المرحلة الأخطر

فهد الخيطان

المسيّرة الحوثية التي سقطت في أحراش ماعين قبل أيام، هي مناسبة لتذكيرنا من جديد، بأننا نعيش في بيئة إقليمية غير مستقرة، وأن التطورات من حولنا يمكن أن يكون لها تداعيات أمنية داخلية. كما أن التدهور القائم أو المحتمل بقوة على جبهات أخرى يحتم على الأردن البقاء في حالة تأهب ويقظة، وهو ما تفعله القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بالفعل.

ولا يتوقف الأمر على الجانب الأمني والعسكري، فالاضطراب الناشئ على المستوى الاقتصادي بفعل سياسات الإدارة الأميركية يربك حساباتنا الداخلية ويجعل من الصعب على أصحاب القرار التصرف وفق رؤية مسبقة، نظرا لما يتواتر من قرارات متقلبة تضع الجميع في حالة من عدم اليقين والاضطراب المستمرين، والتأثير الهائل لهذه القرارات على الأسواق وحركة التجارة العالمية والأسعار.

لا يظهر الجميع، بكل أسف، القدر المطلوب من الحكمة والحرص على الحالة الوطنية في هذه المرحلة التاريخية الصعبة والحساسة. ونشهد من بعض الأطراف سلوكا شعبويا يدفع نحو التأزيم الداخلي وإضعاف الجبهة الموحدة للأردنيين التي تشكلت في مواجهة تداعيات ما بعد السابع من أكتوبر.

كنا كأردنيين أشد وضوحا من غيرنا في التعامل مع التطورات وفق معادلة واضحة وشفافة، عنوانها العريض دعم الأشقاء الفلسطينيين في كفاحهم المشروع من أجل الحرية ومواجهة تداعيات العدوان على غزة، وفي الوقت نفسه التمسك بأمن واستقرار الوطن الأردني وعدم العبث باستقراره الداخلي.

في البداية حصلت جملة من التفلتات تحت وقع الانفعال العاطفي والتأثير الخارجي، وتم التعامل معها واحتواؤها بحكمة وتدبر. لكن ما شهدناه مؤخرا أنه كلما ضاقت الحلقة في غزة، تتحرك ماكينة الحركة الإسلامية لتثوير الحالة الأردنية والدفع مجددا بثنائية الحشود والحدود. واللافت أن هذا التصعيد في الداخل الأردني يحصل في الوقت الذي تناشد فيه حركة حماس العالم كله للضغط من أجل وقف التصعيد والعدوان في غزة وإنجاز صفقة مع إسرائيل لتبادل الأسرى. فلماذا تريدون من الأردنيين أن يزحفوا إلى الحدود إذا كان المطلوب هو وقف إطلاق النار، وهو الهدف الذي يسعى إليه الأردن مع باقي الأشقاء العرب ليل نهار؟!

تأزيم الشارع الأردني لا يخدم سوى أجندة الأعداء. لقد تم تجريب هذا الشكل من التضامن أكثر من مرة في الأشهر التي مرت على الحرب، ولم تتبدل المعادلة. لا بل إن فتح جبهات إسناد عسكرية في دول أخرى انتهى بكارثة على أصحابها وعلى دولهم. وبالنتيجة سقط الإقليم برمته تحت النفوذ الإسرائيلي. إذا فات الوقت على تعلم الدروس قبل وقوع الكارثة، فالأحرى بنا تعلمها مما أصابنا بعدها.

المرحلة التي نمر بها هي الأصعب منذ هزيمة 1967. المنطقة برمتها تعيش أهوالا موجعة، والتطورات تحمل معها أخطارا محدقة على الخرائط والحدود والدول. الدولة الأردنية تملك رصيدا وافرا من الخبرة في إدارة مثل هذه المراحل. وقد حان الوقت لتوظيف هذه الخبرات للتعامل مع الحالة الراهنة بذكاء واقتدار، وتفعيل سياسة الاحتواء بدل التصعيد غير المبرر. لا ينبغي أن نتصرف بانفعال عندما يكون المطلوب الرد بحكمة وترو. الأحداث المقبلة تستدعي مقاربات أكثر عمقا وتبني خطاب يوحد لا يفرق، فلدينا ما يكفي من التحديات في قادم الأيام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أخبار حياة