إسرائيل بين الحرب الأهلية.. والدولة الدكتاتورية!

رجا طلب
لا تستغرب عزيزي القارئ هذا العنوان، فمصطلح الحرب الاهلية استخدمه ايهود اولمرت عنوانا، لمقال مهم له في «هآرتس» في التاسع من ابريل الجاري، وللذين لم يقروأ المقال فاني الخصه بالنقاط التالية:
- التحذير من حرب أهلية، حيث أعرب أولمرت عن قلقه من أن إسرائيل تقترب من حرب أهلية غير مسبوقة نتيجة للتصعيد بين الحكومة ومؤسسات الدولة، خاصة المحكمة العليا.
- اتهم أولمرت الحكومة الإسرائيلية، بدعم مباشر أو ضمني من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بمحاولة هدم مؤسسات الدولة وتقويض أسسها.
- اشار اولمرت في مقاله الى حادثة اقتحام المحكمة العليا من قبل النائب في الكنيست الموغ كوهين نائب الوزير المتطرف بن غفير للمحكمة العليا اثناء مناقشة المحكمة لقضية اقالة رئيس الشاباك رونين بار وتصرفه بطريقة همجية، معتبراً أنها جزء من خطة أوسع لإهانة القضاء وتقويض شرعيته، كما اشار الى طرد عضو الكنيست من الليكود تالي غوتليف من الجلسة بعد نوبات غضب متكررة، حيث اعتبر القاضي إسحاق عميت تصرفها محاولة لمنع السلطة القضائية من أداء واجبها.
- حذر اولمرت من خطورة الفلتان الامني الذي يشرف عليه وزير الامن القومي ايتمار بن غفير وحذر من الفوضى التى اخذت تشكلها هذه الميليشيات المسلحة ومن إمكانية سيطرتها على وسائل الإعلام وتهديد الصحفيين، معتبراً أن هذه التهديدات تتجسد تدريجياً في الواقع وتساءل في مقاله عن الجهة التى تستطيع منع هذه الميليشيات من اقتحام الكنيست وطرد المعارضين او اقتحام الاستوديوهات وطرد من لا يريدون رؤيته على الشاشة.
وخلص اولمرت الى القول ان النظام السياسي في إسرائيل وبسبب اهداف نتنياهو الشخصية وتحالفه مع اليمين المتطرف تحول من نظام ديمقراطي الى نظام دكتاتوري.
وليس اولمرت وحده من حذر مما سبق بل كان وزير الدفاع الأسبق بيني غانتس وزعيم حزب المعسكر الوطني وأيضا زعيم المعارضة يائير لبيد قد حذر هو الاخر مما قاله اولمرت في مقاله،
وليس من المبالغة القول ان نتنياهو احال ما يسمى «بالديمقراطية الإسرائيلية» الى اشبه ما تكون دولة اوتوقراطية (هي الدولة التي تحكم بنظام السلطة الواحدة) والى الان فان إسرائيل وفي ظل حكم نتنياهو تحتفظ بعدة خصائص من خصائص الدولة الاوتوقراطية ومن هذه الخصائص ما يلي:
أولا: يسعى نتنياهو الى الهيمنة على القضاء واخضاعه للسلطة التنفيذية.
ثانيا: قمع المعارضة والمعارضين وهذا ما يجري حاليا مع أهالي الاسرى والمعارضين المتحالفين مع اهالي الاسرى من الأحزاب العلمانية او غير المتدينة.
ثالثا: الهيمنة على الاعلام وفرض رواية رئيس الحكومة في أي قضية إشكالية مطروحة وتكثيف الرقابة العسكرية على الاعلام.
رابعا: تمجيد الحاكم ومن يتابع الاعلام الإسرائيلي سيجد ان نتنياهو بات لديه «لوبي» من الإعلاميين الذين يمجدون عبقريته وصوابية رؤيته ومهاجمة كل من ينتقده سواء من اشخاص او أحزاب. وعمليا فان صحيفة (إسرائيل اليوم)، والقناة 14 لا تنطقان الا بما يريده نتنياهو عدا عن عدد من الكتاب من ابرزهم عاميت سيغال والذي يعمل في قناة (N 12) وصحيفة يديعوت احرونوت والصحفي «يونان ميغال» الذي يعمل في القناة 14 هذا بالإضافة الى صحيفة (ميكور ريشون) اليمينية المتطرفة والقناة (i24NEWS) التي تبث باللغات العبرية والعربية والانجليزية والفرنسية والتي تم توجيه العاملين فيها بالتقليل قدر الإمكان من استضافة السياسيين الذي ينتقدون الحكومة وهي ممولة من اثرياء يهود أصدقاء لنتنياهو.
خامسا: تقديم صفة الولاء عن ميزة الكفاءة في التعيينات وبخاصة الأمنية والحساسة، فقد سعى نتنياهو بكل جهده للتخلص من رئيس الأركان السابق هرتسي هليفي الذي استقال من منصبه وجاء بصديقه ايال زامير، كما عمل على التخلص من وزير الدفاع السابق يواف غالانت وجاء باسرائيل كاتس المقرب منه والذي لا يملك أي خبرة عسكرية تذكر، وقبل هذين الاثنين تخلص من رئيس الاستخبارات العسكرية «امان» اهارون هاليفا محملا إياه اخفاق 7 أكتوبر وها هو اليوم يعمل من اجل التخلص من رئيس الشاباك رونين بار وربما لاحقا سيكون رئيس الموساد ديفيد برنياع.
في مقال لي في هذه الزاوية اشرت مبكرا الى «دكتاتورية» نتنياهو في مقال نشر يوم 28 أغسطس 2024 بعنوان (إسرائيل.. دولة الرجل الواحد).