الدكتور محمود عواد الدباس
1/4
ثلاثة من دول الخليج العربي هي( السعودية وقطر وسلطنة عمان ) تحتضن المفاوضات الأمريكية مع روسيا وإيران وحماس. السعودية تحتضن المفاوضات الأمريكية الروسية حول القضايا الخلافية، بما في ذلك الخلاف حول الحرب الروسية الأوكرانية. فيما تحتضن قطر المفاوضات الأمريكية مع حماس، بما يخص إعادة الرهائن المحتجزين لديها. أما سلطنة عمان فتحتضن المفاوضات الأمريكية مع إيران، بما يخص مشروعها النووي والعقوبات المفروضة عليها، إضافة إلى أذرع إيران في العالم العربي. ثمة عوامل متعددة تقف وراء هذا التقسيم. وأساس ذلك هو قوة العلاقة الأمريكية سياسيًا واقتصاديًا مع كل دولة من الدول العربية الثلاث، وكذلك وجود علاقة خاصة بين كل دولة منهن مع الخصم السياسي الذي يتم التفاوض السياسي معه.
2/4
نبدأ من العلاقة السعودية الأمريكية خلال فترة الرئاسة الأولى للرئيس الأمريكي ترامب. فمن الناحية السياسية، فقد كان هناك تطابق كبير جدًا ما بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران ومشروعها النووي. كما أن القمة العربية الأمريكية التي عقدت في الرياض في أيار من العام 2017م كان ترامب هو الطرف الأساسي فيها، مما أعطى قوة سياسية للرياض على المستويين العربي والإسلامي. ومما لا شك فيه أن الاقتصاد ساهم بدرجة كبيرة في تعزيز العلاقة الأمريكية السعودية، استنادًا إلى حجم الاستثمارات السعودية الضخمة جدًا في الولايات المتحدة الأمريكية.
لاحقًا، ونتيجة لغياب ترامب عن الرئاسة الأمريكية السابقة، فقد أدى ذلك إلى تراجع في قوة العلاقات السعودية الأمريكية. لكن هذه العلاقة عادت إلى قوتها مع عودة ترامب من جديد عندما احتضنت المملكة العربية السعودية المفاوضات الأمريكية الروسية. في ذات الاتجاه، وتأكيدًا على أهمية السعودية، فقد أعلن البيت الأبيض أن موعد زيارة الرئيس الأمريكي إلى السعودية ستكون في الشهر القادم. على الجانب الآخر من العلاقة بينهما، فإنه توجد تباينات بين الطرفين في العديد من القضايا. الأولى بما يخص إيران، حيث أن التوجهات الأمريكية الجديدة هي الدخول في مفاوضات مع إيران، مع ذلك فإن المخاوف السعودية ستكون حاضرة في أذهان الأمريكيين خلال عملية المفاوضات مع إيران. في الملف الفلسطيني، فإن السعودية تقف في الاتجاه المعاكس لأفكار ترامب في تهجير الفلسطينيين من غزة. كما أن السعودية تربط أي تقدم في العلاقة مع إسرائيل بحصول الفلسطينيين على حقوقهم السياسية. يضاف إلى ذلك أن السعودية لا تتعامل سياسيًا مع حركة حماس. نتيجة لذلك، لم تكن السعودية هي مكان المفاوضات الأمريكية مع حماس أو مع إيران، ليتم اختصار دورها على احتضان المفاوضات الأمريكية الروسية.
3/4
انتقل إلى تناول العلاقة القطرية الأمريكية في الرئاسة الأولى لترامب. في تلك الفترة، تعددت لقاءات ترامب وأمير قطر. عزز تلك العلاقة بينهما حجم الاستثمارات القطرية في الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى سبب عسكري وهو وجود قاعدة عسكرية أمريكية في قطر. في الرئاسة الثانية لترامب، وحيث أن قطر تستضيف المكتب السياسي لحركة حماس، فقد تم اقتصار دور قطر على احتضان المفاوضات التي جمعت شخصيات أمريكية مع عدد من قادة حركة حماس.
في ذات الوقت، تم استثناء قطر من احتضان المفاوضات الأمريكية مع إيران، على الرغم من قوة العلاقة القطرية الإيرانية. حيث تم اختيار سلطنة عمان مكانًا لذلك، وذلك لسجلها الإيجابي مع إيران في العديد من الأحداث، أهمها أن سلطنة عمان اتخذت موقف الحياد في الحرب العراقية الإيرانية من القرن الماضي. كما أنها احتضنت في العام 2010م المفاوضات الأمريكية الإيرانية بخصوص الملف النووي، والذي أدى إلى توقيع الاتفاق بهذا الخصوص في عهد أوباما في العام 2015م. أيضًا من المواقف الأخرى لسلطنة عمان هو عدم مشاركتها في التحالف العربي للقضاء على أنصار الله الحوثيين في اليمن في العام 2015م.
4/4
ختامًا، فإن وجود ثلاث دول عربية، هي( السعودية وقطر وسلطنة عمان) ، تحتضن كل واحدة منهن وبشكل منفصل عن الأخرى إحدى المفاوضات الأمريكية مع روسيا أو إيران أو حماس، يعني قوة العلاقة الأمريكية مع هذه الدول الثلاث. كما أنه يساهم في رفع المكانة السياسية لهذه الدول العربية الثلاث على المستويين الإقليمي والدولي. بقي أن نقول إن سياسة ترامب الخارجية في التعامل مع الدول العربية تظهر أنه يتعامل مع كل دولة عربية بمعزل عن الأخرى، بما يخدم الأهداف الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة الأمريكية .
