مشروع قانون «المسقفات»!

عصام قضماني

حمل القانون الجديد للأبنية والأراضي تغييرا جوهريا لآلية احتساب الرسوم التي تعرف بالمسقفات وهي مجموعة من الرسوم بمعنى انه ليس قانونا جديدا لفرض ضرائب جديدة على الأراضي والأبنية.

ربما ما أثار الجدل وأوقع كثيرين منا في قراءات متباينة ولدت مخاوف تستحق أن تتبدد لإشاعة الطمأنينة، هو تغيير آلية احتساب هذه الرسوم والتي ظن البعض أنها تغيرت زيادة او نقصنا.

ربط القانون التخمين لغايات الرسوم بالأسعار الإدارية للأراضي والأبنية وهي قوائم بأسعار بنيت على تقديرات قامت بها لجان تتبع البلديات وامانة عمان في وقت سابق وشكلت مرجعا لتخمين الأراضي والعقار والأبنية عند عملية البيع والشراء وهي ذاتها التي اعتمدتها البنوك لمنح التسهيلات التي يطلبها مشترو الشقق والعقار.

أي أن هذه الأسعار الإدارية ليست جديدة وان خضعت لتعديلات من وقت لآخر حسب تغير الأسعار صعودا وهبوطا لكن لا يجب ان نغفل أنها قريبة من الأسعار السوقية لهذه الأراضي او للعقارات وللشقق.

الأسعار الإدارية تعد مرجعا يوفر قدرا من التوازن بين أسعار السوق والأسعار الفعلية وفي ذات الوقت يضع سقفا للمبالغة في تسعير هذه الأراضي وتلك الشقق، لكن كثيرا من التجار لم يلتفتوا اليه بل إنهم لم يعترفوا به وكانوا غالبا ما يحددون أسعار البيع وفقا لاوضاع السوق وتبعا لآلية العرض والطلب مع هامش من المضاربة.

ما يهمنا في هذا الموضوع هو إنهاء الاجتهادات المتباينة في تخمين أسعار الأراضي. ولا بد من الاعتراف أن بعض لجان التخمين كانت تبالغ احيانا في رفع التخمين وبعضها ايضاً كان يبالغ في تقليل التخمين.

يبدو ان مشروع القانون أنهى ذلك فلن يعود هناك مجالا للاجتهاد في التقدير، وحتى إن وُجدت في احتساب المساحة، فإنها مقيدة بالتقنيات الإلكترونية اللازمة كما أن الاعتراض على التخمين أوكل للقضاء وهو اتجاه صحيح.

بصراحة كنا نحتاج إلى الأسعار الإدارية للأراضي والعقارات لتقرّبنا إلى الأسعار الفعلية التي يحددها السوق وهم التجار، كي لا نصاب بالغبن او نتعرض لعمليات احتيال مثلا او مبالغة في الأسعار وكنا نحتاجها لأغراض الحصول على تمويل من البنوك لشراء شقة وقد أصبحت هذه الأسعار مع القانون الجديد مرجعا لتحديد الرسوم وهو ما كان معمولا به لكن مع كثير من الاجتهادات البشرية التي تقع فيها بقصد او غير قصد لجان التخمين واحيانا كانت تضم موظفا واحداً لا اكثر كان هو من يحدد قيمة العقار والأرض وهو من تعتمده البنوك لتحديد قيمة القرض المطلوب فيزيد عندما يتطلب الأمر وينقص من القيمة عندما تستدعي الحاجة.

ما يهمني شخصيا هو تحييد العنصر البشري في القانون الجديد ووضع نهاية للاجتهادات التي لا احمّلها اية نوايا سيئة لا في ظاهرها ولا في باطنها.

صحيح أن معظم الخبراء قرروا ان مشروع القانون لا يتضمن أي ضرائب جديدة لكن الصحيح ايضاً ان تعديل السعر الإداري مستقبلا زيادة او نقصانا سيحتاج إلى آلية واضحة وثابتة كأن يتم ربطها بمعدلات التضخم مثلا.

مشروع القانون بيد النواب الآن وما زال النقاش حوله دائرا وما تحتاج اليه لجنة الاقتصاد والاستثمار هو الاستماع لكل الاراء مهما تباينت لتشكيل قناعة وواجبها ان تشرح القانون وقناعاتها بشأنه للرأي العام.