أخبار حياة – أكد الخبير الاجتماعي عايش النوايسة، أن القضايا الحساسة التي تمس حياة الناس بشكل خاص، أو تمس المجتمع ككل، عادة ما يلجأ إليها من خلال استخدام مقاطع مهجنة، سواء كانت صورا أو فيديوهات أو عناصر أخرى تلامس الواقع، مشيرا إلى أن هذه المواد تؤثر في الجانب العاطفي لدى المتلقي، سواء كان ذلك فرحا أو حزنا أو غضبا، مما يساهم في تسهيل تمرير المحتوى بطريقة أكثر تأثيرا.
وأضاف النوايسة خلال حديثه لبرنامج استديو التحليل عبر إذاعة حياة إف إم، أن هناك استراتيجيات معينة تستخدم في هذا السياق، تعتمد على توظيف محتوى فعال ومهجن لتوجيه الناس، ويكون ذلك من خلال أشخاص مؤثرين “إنفلونسر”، إلى جانب استخدام الوسوم (الهاشتاغات) والحسابات المجهولة التي تشكل كيانات رقمية، موضحا أن هذه الحسابات قد تشهّر بأفكار معينة وتحدث تأثيرا عاطفيا واضحا في الرأي العام.
وأشار إلى أن المزاج الشعبي يدار في كثير من الأحيان من خلال قضايا تؤثر مباشرة على الناس، ضاربا مثالا على ذلك بقضية الأراضي الأخيرة، التي قال إنها شوهت وتم تسخيرها بأسلوب عاطفي مؤثر، حتى إن بعض الناس بدأوا يعتقدون بأنهم سيفقدون أراضيهم فعلًا، ما ولد موجة من ردود الفعل الشعبية رغم تراجع بعض المؤثرين لاحقا عن مواقفهم.
وأوضح أن هذه الموجة من المحتوى اكتفت بذاتها، وأثرت على الرأي العام بطريقة يصعب تغييرها لاحقا، لتتحول الإشاعة إلى “حقيقة ” بنظر الجمهور، مشيرا إلى صعوبة تفنيدها أو تكذيبها أمام الآخرين عند انتشارها بشكل واسع.
وتابع النوايسة حديثه مبينا أن هناك إشكالية كبيرة في تضارب مواقف النخب، حيث تختلف وجهات النظر بشكل كبير في أي قضية تطرح، ولفت إلى غياب الخطاب الرسمي الموحد، الذي إن حضر، فإما يأتي متأخرا أو يفتقد للإقناع، مما يعزز الفوضى المعلوماتية.
وأكد أن كثيرا من المؤثرين يتناولون المواضيع من منظور شخصي بحت، لا من منظور شمولي أو مسؤول، ساعين لتحقيق أكبر قدر من التفاعل والمشاهدات والمشاركات، ما يجعل المحتوى فردي الطابع ويؤدي إلى إضعاف أثر الرسائل المجتمعية الجماعية.
وقال النوايسة إن قناعة الشارع بالمؤثرين ضعيفة في بعض الأحيان، وهذا يبرز الحاجة الماسة إلى تفعيل التربية الإعلامية الرقمية، من خلال العودة للمدارس والجامعات والمؤسسات الإعلامية لغرس ثقافة التفكير التحليلي والنقد البناء.
وشدد على أن غياب التربية الإعلامية الحقيقية سيجعل تعاطي الناس مع الأخبار والمعلومات شبيها بأمواج البحر، ترتفع وتنخفض حسب المحتوى الرائج، مبينا أن الحل لا يكمن في التنظير بقدر ما يتطلب ممارسة عملية حقيقية داخل المؤسسات التعليمية والسياسية والمجتمع المدني.
واختتم النوايسة حديثه بالتأكيد على أهمية أن يشكل كل فرد نموذجا في التعاطي الواعي مع الأخبار على منصات التواصل الاجتماعي، داعيا إلى تبني نهج تربوي إعلامي حقيقي يساعد في التعامل مع سيل المغالطات اليومية المنتشرة في الفضاء الرقمي.