Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

تعريفات ترامب تهدد ثروة أيرلندا الدوائية

 أخبار حياة – ذات مرة كانت هناك دولة ناطقة باللغة الإنجليزية حاولت تحقيق الاكتفاء الذاتي اقتصادياً بفرض تعريفات وحصص على التجارة. وكانت تجربتها الحمائية فاشلة بائسة، حيث أصيب الاقتصاد بالركود، وهاجر منها كثير من الناس.

تعلمت أيرلندا الدرس، ومنذ الستينيات فصاعداً، فتحت أبوابها وجذبت الاستثمار الأجنبي المباشر بواحد من أدنى معدلات ضرائب الشركات في العالم. وفي الآونة الأخيرة نجحت عملية تغيير القلب الاقتصادي لديها بشكل جيد للغاية. وأصبحت تحقق فائضاً تجارياً ضخماً مع الولايات المتحدة، وجلبت لها الضرائب من شركات الأدوية والتكنولوجيا الأمريكية مكاسب مالية غير متوقعة.

هنا يأتي دور دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، الذي يضاهي ميله إلى التعريفات ميل أيرلندا في الثلاثينيات، وبسبب افتقاره إلى المودة الفطرية للدولة، والتي يتمتع بها رؤساء مثل جو بايدن، فإنه ينظر نظرة قاتمة إلى سياساتها الضريبية والتجارية الحادة. وقال الشهر الماضي «كانت أيرلندا ذكية للغاية. لقد أخذوا شركات الأدوية التي كانت لدينا من رؤساء لم يعرفوا ما كانوا يفعلون».

ويجب أن يقال إن أحد هؤلاء الرؤساء كان ترامب نفسه، فقد زاد مشروع القانون الضريبي، الذي وقعه عام 2018 خلال فترة ولايته الأولى، حافز الشركات لنقل الإنتاج إلى أيرلندا، والتصدير مرة أخرى إلى الولايات المتحدة، واستغلت شركات الأدوية فوائد الوضع في أيرلندا بالكامل، حيث يتم الآن اختراع أدوية مثل البوتوكس في أمريكا، لكن يتم تصنيعها في أيرلندا. وشكلت الأدوية والمنتجات الطبية 61 % من صادرات أيرلندا إلى الولايات المتحدة، التي بلغت 73 مليار يورو العام الماضي.

كان ذلك جيداً جداً للوضع المالي للبلاد: ويسمح لها فائضها المالي بتجميع 16 مليار يورو في صندوقي ثروتها السيادية هذا العام، لكن هذا يعتمد أيضاً على استمرار الولايات المتحدة في التسامح مع ما يسميه براد سيتسر، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية، «المهزلة الكبيرة»، التي ترتكبها شركات الأدوية الأمريكية بحق دافعي الضرائب الأمريكيين. يجب على أيرلندا ألا تراهن على ذلك الآن.

حتى الآن نجت أيرلندا من معظم تعريفات ترامب، لكن 2 % فقط من صادراتها ستكون محصنة إذا تم فرض تعريفة على واردات أمريكا من الأدوية الأمريكية، وتفاوضت الحكومات بنجاح محدود لتفكيك حزمة الحيل الضريبية للشركات متعددة الجنسيات. سيقطع ترامب عقدة الضرائب المعقدة بطريقته الخاصة.

ويضع هذا أيرلندا بين الدول الأكثر عرضة للخسارة من تحول الولايات المتحدة ضد التجارة العالمية. يقول أيدان ريجان، أستاذ الاقتصاد السياسي في كلية دبلن الجامعية، إنه قد يكون نهاية الطريق لنموذج النمو الأيرلندي القائم على الاستثمار الأجنبي المباشر في العقود الأخيرة، ومن الواضح أنه أخطر تهديد لاقتصاد أيرلندا منذ الأزمة المالية العالمية 2008 – 2009.

ورغم أن لا أحد يعرف إلى أي مدى سيواصل ترامب حملته التعريفية يمكن لأيرلندا أن تستمد العزاء من الطبيعة طويلة الأجل لتحولها الاقتصادي. كان الاقتصاد يتعافى من الأزمة المالية قبل أن يتم تعزيز قطاع الأدوية لديها عن طريق الخطأ بموجب قانون ترامب الضريبي. هناك 970 شركة أمريكية في أيرلندا حالياً، كان معظمها موجوداً قبل إقرار قانون ترامب في ولايته الأولى. وستحافظ أيرلندا على معدل ضريبة منخفض للشركات، الذي تم تحديده لأول مرة بنسبة 12.5 % قبل عقدين من الزمن، وقد ارتفع هذا المعدل إلى 15 % للشركات الكبيرة بموجب إصلاحات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لكن لا يوجد احتمال كبير لدفعه إلى أبعد من ذلك. لقد أضعف ترامب التزام أمريكا باتفاقيات الضرائب العالمية، وتراجعت المنافسة الضريبية الأيرلندية في قائمة الاهتمامات المالية لمعظم البلدان، وحل محلها مشاغل أخرى.

كان من الواضح أيضاً قبل تدخل ترامب أن ثروة أيرلندا المالية غير مستدامة. كان العام الماضي هو الثالث على التوالي، الذي تحقق فيه فائض مالي، وجاء 30 % من عائداتها الضريبية من ضرائب الشركات، وأسهمت الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات بثلاثة أرباع هذه العائدات، وتقدر الحكومة الأيرلندية أن نصف الإجمالي كان مكسباً غير متوقع؛ وليس من المستغرب أن يرغب ترامب في تصحيح خطأه، في حين أن التعريفات ليست الطريقة المعتادة للقيام بإصلاح ضريبي للشركات، إلا أنها قد تنجح، فبعد نقل التراخيص وحقوق الملكية الفكرية إلى أيرلندا لتقليل أرباح الولايات المتحدة لا يمكن لشركات الأدوية ببساطة إعادتها لخفض التعريفات على صادراتها الأيرلندية، ولكن لا تشكك أبداً في براعة محاسبي الشركات عندما تكون مليارات الضرائب على المحك.

سيكون تحويل التدفقات المالية أسهل من إغلاق المصانع الأيرلندية وبناء مصانع أمريكية. لن يستغرق الأخير وقتاً أطول فحسب، بل يتطلب ثقة بأن ترامب لن يغير رأيه، ولكن أيرلندا هي مركز إنتاج للاتحاد الأوروبي. كان الغرض الأصلي من معدل ضريبة الشركات المنخفض هو جذب الاستثمار وبناء فرص العمل، وليس جني الأرباح عن طريق التربح، من خلال التلاعب بقانون الضرائب الأمريكي.

وإذا أنهت التعريفات مكاسب أيرلندا غير المتوقعة، لكن تركت معظم قاعدتها التصنيعية سليمة، فستكون هذه نتيجة عادلة. لقد لعبت البلاد بذكاء لفترة طويلة، وسنواتها الأخيرة هي شذوذ مالي، وليست مكافأة دائمة. ما أعطاه ترامب يمكنه أن يأخذه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أخبار حياة