كنوز تحت أقدامنا.. خريطة تكشف مواقع المعادن الأرضية النادرة

أخبار حياة –أصبحت المعادن الأرضية النادرة حجر الزاوية للتكنولوجيا الحديثة، إذ تدخل في تصنيع كل شيء، من الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية إلى الأنظمة العسكرية المتطورة.
وفي ظل السباق المحموم بين الدول لتأمين هذه الموارد الاستراتيجية، كشفت خريطة جيولوجية جديدة عن أبرز مواقع هذه الكنوز، ما قد يغير موازين القوى على الساحة الدولية.
وبينما تحتفظ الصين بالنصيب الأكبر من الاحتياطيات، تسابق الولايات المتحدة وأوروبا وغيرهما من القوى الكبرى الزمن للعثور على بدائل، في وقتٍ تُبرم فيه صفقات مثيرة للجدل لتأمين الإمدادات.
أين تُخزن المعادن الأرضية النادرة؟
اعتمدت الخريطة الجديدة، التي أُعدت استنادًا إلى بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، على تحديد أغنى رواسب هذه المعادن حول العالم، ورغم أن اسمها يوحي بالندرة، إلا أن الصعوبة الحقيقية تكمن في العثور عليها بتركيزات تسمح باستخراجها اقتصادياً.
وجاءت أبرز النقاط التي سلطت عليها الخريطة الضوء كالآتي:
الصين: تهيمن على الإنتاج العالمي باحتياطيات تقدر بنحو 44 مليون طن متري.
أفريقيا: خصوصاً المغرب وجنوب أفريقيا، حيث تشكل رواسب الزنك والليثيوم والكوبالت مصدرا حيويا لصناعات البطاريات والطاقة النظيفة.
أمريكا الجنوبية: تحتفظ تشيلي والبرازيل باحتياطيات هائلة من الليثيوم، وهو عنصر رئيسي في تصنيع السيارات الكهربائية.
أوكرانيا: تبرز كموقع استراتيجي لما تمتلكه من موارد وفيرة من التيتانيوم والليثيوم، ما يضعها في قلب التنافس الجيوسياسي.
غرينلاند: أثارت رواسبها غير المستغلة من العناصر الأرضية النادرة والغاز الطبيعي اهتمام القوى العالمية وخاصة الولايات المتحدة التي أعرف رئيسها دونالد ترامب صراحة عن رغبته بالسيطرة عليها ولو بالقوة.
ورغم الانتشار الجغرافي لهذه الرواسب، إلا أن عمليات التعدين والتكرير تظل متركزة إلى حدٍ كبير في الصين، ما يشكل عنق زجاجة في سلسلة الإمداد العالمية، تسعى الدول الأخرى إلى تجاوزه.
لماذا هذه المعادن ضرورية للعالم؟
تضم مجموعة المعادن الأرضية النادرة 17 عنصراً تتميز بخصائص تجعلها ضرورية لتقنيات العصر. تدخل هذه المعادن في:
الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والمركبات الكهربائية عبر بطاريات متطورة.
الصناعات العسكرية، مثل أنظمة توجيه الصواريخ والرادارات والأسلحة الحديثة.
تقنيات الطاقة المتجددة، بما في ذلك توربينات الرياح والألواح الشمسية.
وفي هذا السياق، أوضحت صوفيا كالانتزاكوس، أستاذة الدراسات البيئية والسياسات العامة بجامعة نيويورك أبوظبي، قائلةً: “تتضاعف قيمة المعادن النادرة بسبب تطبيقاتها المتنوعة، سواء في التكنولوجيا أو المجالات العسكرية أو الطاقة النظيفة. يكاد لا يوجد مجال لا يعتمد عليها”.
ومع الارتفاع المتسارع في الطلب، بات تأمين هذه المعادن معركة استراتيجية محورية بين الدول الكبرى.
معركة السيطرة على الإمدادات
احتفاظ الصين بأكبر احتياطيات المعادن الأرضية النادرة منحها نفوذا واسعا في السوق العالمية، وقد سبق لبكين أن فرضت قيودا على الصادرات، مما أدى إلى اضطرابات في سلاسل التوريد وأجبر العديد من الدول على إعادة تقييم اعتمادها على الموارد الصينية.
ورداً على ذلك، تسارعت الجهود الغربية لتطوير مصادر بديلة، مع استثمار كل من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا في مشاريع التعدين المحلية، كما كثّف الاتحاد الأوروبي من برامجه لدعم التعدين وإعادة التدوير بهدف تقليص التبعية للصين.
وفي تعليق مشترك، كتب روبرت موغا، الباحث في جامعة برينستون، ورافال روهوزينسكي، الزميل البارز بمركز كندا للابتكار في الحوكمة: “موارد أوكرانيا المعدنية ليست فقط مفتاحاً لسيادتها الوطنية، بل تعد كذلك أساسية لاستقلال أوروبا في مجال الطاقة، ولصراع الولايات المتحدة والصين على الريادة التكنولوجية”.
وبينما تتصاعد المنافسة العالمية، تبدو معركة تأمين المعادن الأرضية النادرة وكأنها ستحدد ملامح الصراع الاقتصادي والسياسي في العقود المقبلة.