السويداء تُنهي “شهر العسل” مع واشنطن.. مشروع قانون أمريكي يعيد خنق دمشق

أخبار حياة – كشفت مصادر غربية أن أحداث السويداء قد تنهي “شهر العسل” بين الإدارة الأمريكية والسلطات السورية، على ضوء تحرك يجري حاليًّا في الكونغرس الأمريكي يهدد بتمديد عقوبات “قيصر” ويضيف شروطًا جديدة وقاسية على دمشق .
وقال مصدر غربي مقيم في واشنطن لـ “إرم نيوز” إن مشروع قانون يُناقش حاليًّا، بشكل متسارع، في لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب الأمريكي، حيث من المقرر طرحه للتصويت يوم الأربعاء المقبل.
تمديد للعقوبات.. وشروط جديدة
وأضاف المصدر أن هذا التشريع، الذي قدّمه النائب مايك لولر ويدعمه النائبان فرينش هيل وبرايان ماست، يهدد بتمديد عقوبات قانون قيصر لعامين إلى ثلاثة أعوام إضافية، ويضيف شروطًا جديدة وقاسية قد تضر بشكل خطير بمستقبل سوريا.
موضحًا أن هذا المشروع ليس مجرد تمديد لسياسات سابقة، بل إنه يقترح قيودًا أشد من تلك التي فُرضت على النظام السابق بقيادة بشار الأسد.
وفقًا للمصدر المطلع، يُلزم مشروع القانون المقترح، القيادة السورية الجديدة بتحقيق سلسلة من الشروط قبل رفع أي عقوبات، بما في ذلك القضاء على إنتاج الكبتاغون وضمان حماية الأقليات الدينية والإثنية.
ويذكر المصدر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أصدر سابقًا أوامر تنفيذية تمنح الحكومة الأمريكية الصلاحية الكاملة لاستهداف أي فرد متورط في إنتاج الكبتاغون، أو في انتهاك حقوق الأقليات في سوريا، وبالتالي؛ فإن هذه الأدوات القانونية متوفرة بالفعل، ولا حاجة لفرض عقوبات شاملة تُعاقب عموم السكان، وهو ما يثير القلق وفق قوله.
ولفت إلى أن المبعوث الأمريكي توم باراك دعا علنًا إلى إلغاء قانون قيصر بشكل كامل؛ لِما سببه من أضرار إنسانية وجيوسياسية جسيمة بحق السوريين، مشيرًا إلى أن هذا المشروع المقترح يتناقض تمامًا مع هذه الرؤية، ومع التوجه العام لسياسة الرئيس ترامب تجاه سوريا.
تحرك سوري في واشنطن
وقال المصدر إن الجالية السورية في أمريكا بدأت بالتحرك، عبر العمل على تشكيل وفد يضم العديد من قادة المنظمات السورية والشخصيات السورية الأمريكية المؤثرة التي تتمتع بشبكة علاقات واسعة في الولايات المتحدة، بهدف التواصل مع أصدقاء سوريا في مجلس النواب، ورفع الصوت، وتحريك شبكاتهم، والضغط على المشرعين للتصويت ضد هذا المشروع يوم الأربعاء المقبل ومنع تمريره.
ولفت المصدر إلى أن الأحداث الدامية وعدم الاستقرار الميداني مؤلمة ومفجعة، ولكنها “يجب ألّا تشتّت انتباهنا عن الخطر الصامت الذي يتحرك في أروقة واشنطن”. مشيرًا إلى أن هذا القانون يمثل مشكلة كبيرة، وإذا تم إقراره، فسوف يكرّس الاختناق الاقتصادي طويل الأمد، ويُدمر حياة المدنيين، ويقوّض المؤسسات الضرورية للاستقرار والإصلاح وإعادة البناء.
انقسام في الكونغرس
المصدر يعتقد أن الرئيس ترامب والسلطة التنفيذية لديهما استراتيجية مختلفة في سوريا وسياستهما واضحة في رفع العقوبات، كما أن الرئيس ترامب “عنيد المراس” وهو يقف بقوة لتنفيذ سياساته، لكنه يحذر من أن “شبه الإجماع” السابق في الكونغرس لرفع العقوبات عن سوريا، بدأ يتضعضع اليوم، إثر الأحداث في السويداء، حيث “نرى انقسامًا في الكونغرس إزاء ما يجري في جنوب البلاد”.
لكنه يلفت إلى أن عدم حل مشكلة السويداء سريعًا سوف يعقّد الأمور، خاصةً مع خروج العديد من الأصوات المؤثرة في واشنطن والتي تطالب ترامب بالتحرك لوقف ما تسميها “المجازر” في السويداء، وعلى رأس هؤلاء، النائب في الكونغرس الأمريكي أبراهام ج. حمادة، وهو من أصول سورية درزية، وصديق مقرب من الرئيس دونالد ترامب.
وكان حمادة أصدر بيانًا أمس دعا فيه الرئيس ترامب إلى الضغط على دمشق، “لحماية جميع المواطنين، وإظهار التزام صادق بالسلام والاستقرار طويل الأمد”. مشيرًا إلى أن بناء سوريا جديدة لن يتحقق إلا بانعكاس تنوّعها العرقي والديني ضمن مؤسساتها وسياساتها.” وقال النائب الأمريكي من أصل سوري إن الولايات المتحدة تريد لسوريا أن تنجح، لكن العنف، وإراقة الدماء، والانقسام ليست هي الطريق نحو المستقبل.
روبيو وباراك.. لهجة مختلفة
وكان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أصدر موقفًا حيال الأحداث في السويداء، اعتبره مراقبون مؤشرًا على لهجة مختلفة؛ وربما تحوّل في سياسة واشنطن إزاء دمشق.
وقال روبيو أمس بعد اجتماع شمل ممثلين عن الولايات المتحدة وإسرائيل والأردن وتركيا: “إذا أرادت دمشق حفظ فرصة تحقيق سوريا موحدة فعليها إنهاء الانتهاكات، ومحاسبة وتقديم أي شخص مذنب بارتكاب الفظائع إلى العدالة، داعيًا إلى وقف القتال بين الفصائل الدرزية والبدوية فورًا.
من جهته، قال مبعوث ترامب إلى سوريا، توم باراك، في منشور على حسابه في منصة “إكس”، إن “سوريا تقف عند منعطفٍ حاسم.. يجب أن يسود السلام والحوار.. وأن يسودا الآن”.
وأضاف أن “قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا كان خطوةً مبدئيةً. وأشار إلى أن هذا القرار “أتاح للشعب السوري فرصةً لتجاوز سنواتٍ من المعاناة والفظائع التي لا تُصدق”.
لكن المبعوث الأمريكي أعلن بوضوح أن “هذا الطموح الهش تطغى عليه الآن صدمة عميقة، إذ تُقوّض الأعمال الوحشية التي ترتكبها الفصائل المتحاربة على الأرض سلطة الحكومة وتُزعزع أي مظهرٍ من مظاهر النظام” على حد تعبيره.