أخبار حياة – في فيديو نشرته رئيسة الوزراء النيوزيلندية احتفالاً بالعيد الوطني، كانت جاسيندا أرديرن تتجول براحة وبلا كمامة بينما تستعرض اللحم المشوي الذي يحضّره أحد “الزملاء الوزراء”، في مشهد يحسدها العالم عليه.
وبعد أقل من عام على ظهور الحالة الأولى في نيوزيلندا، لم تعد الكمامات مفروضة على المواطنين وعادت الحياة داخل حدود الدولة بصورة طبيعية، وانتقلت المعركة من المراكز الطبية والمستشفيات إلى الحدود.
وفي ظل غياب العلاج المعتمد وبانتظار قدوم اللقاح، تبنَّت نيوزيلندا مجموعة من التدخلات “غير العلاجية أو الطبية” التي تهدف إلى خفض معدل الإصابة بفيروس كورونا ونجحت فعلاً فيها.
وبعدد سكان يبلغ 5 ملايين، تمكنت أرديرن من قيادة الجهود نحو تسجيل “صفر حالات” أو ما يعدُّ على أصابع اليد الواحدة، لافتةً أنظار العالم نحو تجربتها.
فما هي خطة نيوزيلندا الناجحة لمقاومة فيروس كورونا حتى قبل وصول اللقاح؟
أبرز التحقيقات في سر نجاح خطة نيوزيلندا كان دراسة نُشرت بمجلة نيو إنجلاند الطبية The New England Journal of Medicine من قِبل باحثين مقيمين في جامعة أوتاجو بنيوزيلندا.
وتم التدقيق في خطة نيوزيلندا والتدابير التي أوصلتها إلى مرحلة ما بعد التخلص من المرض تقريباً بعد 100 يوم من ظهور الحالة الأولى، وبينما يصارع العالم الموجة الثانية من الجائحة، تستمر نيوزيلندا في إحكام السيطرة وتسجيل صفر حالات إلى ما لا يتخطى أصابع اليدين باليوم الواحد بدءاً من الثلث الأول من يناير/كانون الثاني 2021، بحسب ما توضحه بيانات الموقع الرسمي لوزارة الصحة.
بعد أسابيع من ظهور الوباء، بدأت نيوزيلندا تنفيذ خطتها لمكافحة الجائحة بشكل جدي في فبراير/شباط 2020 تحديداً، والتي تضمنت إعداد المستشفيات لتدفق المرضى، كما سارعت لوضع سياسات مراقبة الحدود؛ لتأخير وصول الوباء.
هذا وأغلقت نيوزيلندا حدودها مع جارتها أستراليا؛ لوجود حالات أكثر، وقالت أرديرن إنها ستخفف قيود السفر بين البلدين؛ إذ ثبت أن اللقاح يقلل من نسبة انتقال العدوى.
ويُحسب لرئيسة الوزراء النيوزيلندية خطابها المباشر مع الشعب والذي لجأت فيه إلى استخدام تعبير “فريق الخمسة ملايين”، الذي أدى إلى ارتفاع ثقة الجمهور بالقيادة والالتزام بالإجراءات المُرهقة وبالتالي النجاح.
خطة نيوزيلندا: سرعة الاستجابة والتحضير المسبق
تم تشخيص أول حالة لفيروس كورونا المستجد، بنيوزيلندا في 26 فبراير/شباط 2020، في الوقت نفسه تقريباً الذي بدأت فيه الوكالات العالميةُ الإبلاغ عن عدوى هذا المرض، الذي بدا كأنه قريب من السارس أكثر من الإنفلونزا، مما منح الباحثين الأمل في احتوائه؛ لخبرتهم السابقة مع الأمر.
بسبب الافتقار إلى القدرة على الاختبار آنذاك وتتبُّع الاتصال بين الأفراد، أقدم قادة البلاد على إجراء تحويل جذري وحاسم في الاستراتيجية بمنتصف شهر مارس/آذار 2020: الانتقال من سياسة التخفيف من المرض إلى القضاء عليه.
في 26 مارس/آذار، أمرت السلطات بالإقفال العام في سائر أنحاء الدولة لمدة 5 أسابيع مع إغلاق الحدود، تبعه بأسبوعين قرار “البقاء في المنزل” (أي عدم الخروج إلا لأسباب ضرورية)، والذي التزم به الشعب على ما يبدو.
في أوائل شهر مايو/أيار، لوحظت آخر حالة تم تحديدها مصدرها “انتشار في المجتمع”؛ فوُضع المريض على أثرها بمكان معزول، ثم انتهت الدولة من الانتشار المجتمعي وبدأت التركيز على الحدود والقادمين من الخارج.
وفي 8 يونيو/حزيران 2020، أي خلال 103 أيام، أعلنت الدولة انتهاء الوباء بالبلاد.