صبري ربيحات
الحزن الذي عبر عنه دولة رئيس الوزراء في أعقاب حادثة مستشفى السلط الحكومي طبيعي شعر به كل انسان سمع عن الحادثة ايا كان جنسه او دينه او قوميته فهو حدث يؤلم ويغضب ويحزن ويسيء. رئيس الوزراء ليس شخصا عاديا ليكتفي بالتعبير عن الحزن وتعزية ذوي الضحايا فهو صاحب الولاية العامة والمسؤول الأول عما يحدث في البلاد ولهذا فالتوقعات لا تقف عند استكشاف كيف شعر صناع القرار أو إذا ما غضبوا أو حزنوا لما حدث.
المطلوب من رئيس الوزراء وكل من هم في دائرة القرار لا يتوقف عند الحزن والألم والغضب بل يتجاوزها لعمل ما يلزم من إجراءات وبيان الاسباب التي ادت الى وقوع الحادثة وطمأنة الناس على ان المؤسسات التي وجدت من اجل سلامتهم لا تشكل خطورة على حياتهم.
الرؤساء والوزراء والقادة لا يجري اختيارهم ليعبروا عن احزانهم والامهم وتفهمهم لما يحدث وشرح الوقائع وتعداد الضحايا بل ليضعوا حدا للاخطار ويوفروا الحماية ويتبنوا السياسات الهادفة لرفاه وسعادة المواطن. فهم يحملون تفويضا شعبيا لاتخاذ القرارات السليمة التي تحافظ على امن الناس وتنظيم شؤونهم وحمايتهم من الأخطار والتهديدات وتطبيق القوانين على الجميع بنزاهة وعدالة ووضوح. الامة لا تصطفي رجالاتها وسياسييها وقادتها ليحزنوا نيابة عنهم او معهم بل ليقللوا من عدد الحوادث والحالات والمصائب والقرارات التي تغضب وتحزن وتدمي القلوب وتورث الغضب والإحباط والضغينة.
في الأيام القليلة الماضية تلقى الاردنيون صدمات متتالية جاءت بوتيرة متسارعة لا تختلف عن الهزات الأرضية وما يعقبها من ارتدادات. بموازاة التدهور الذي يشهده الوضع الوبائي وما فيه من تزايد أعداد الإصابات والوفيات وقعت على الساحة السياسية جملة من الأحداث التي يكفي كل واحد منها لاشغال الراي العام لشهور فمن استقالة وزيري الداخلية والعدل إلى تعديل بنكهة التنقلات الى استقالة وزير العمل والاستثمار السابق بعد اداء القسم بيوم واحد، وصولا الى حادثة السلط وما جرته على الحكومة ووزير صحتها من لوم واتهامات.
كما المباني المقاومة للزلازل استوعبت الحكومة وأجهزتها الصدمة وجرى وضعها تحت السيطرة. فبعد كل حادثة يخرج الناطق الرسمي ليقدم رواية جرت صياغتها بعناية ليفسر ما حدث متيقنين ان الامر والانفعال لن يدوم لاكثر من ايام وتعود الأمور الى سابق عهدها وكأن شيئا لم يكن بعد ان يجري التحذير من العابثين والمزاودين والدخلاء فتتلاشى الصدمة دون أن يجري أي مراجعة للبنى الادارية والمالية والسياسية الحاضنة والمولدة لهذه المشكلات والبحث في هيكلتها واستئصال المشوه منها.