جائحة السلاح.. الأخطر قادم

بلال العبويني

القول إن السلاح بيد العامة هو جزء من الموروث الشعبي وشكلا من أشكال التفاخر عند الأردنيين يحتاج إلى إعادة نظر، بما بات يشكله من أرق لدى الغالبية ممن لم يمتلكو في يوم قطعة سلاح.

الأرق جاء مما باتت تشهده المناسبات العامة من كثافة في إطلاق الرصاص، وفقدان أو إصابة أبرياء نتيجتها، وليس ما جرى مؤخرا بعد صدور نتائج الانتخابات النيابية استثناء.

ثمة قناعة لدى كثيرين أن الإبقاء على انتشار السلاح كما هو اليوم من شأنه أن يكون قنبلة موقوته من ناحية سهولة تسربه لمن لديهم فكرا إرهابيا أو سلوكا إجراميا يستخدمونه لإيذاء وترويع الآمنين.

وعليه، فإن غالبية الأردنيين يدركون أن السلاح يجب أن يظل بيد الدولة وأجهزتها الأمنية، وهم على ثقة أن الدولة قادرة على حمايتهم إذا ما تعرضوا لسوء، لا سمح االله.

لذا، فإن موضوع ضبط انتشار السلاح ليس جديدا، بل إن قانون الأسلحة والذخائر عرض على جدول أعمال مجلسي النواب السابع والثامن عشر، وأحدث جدلا كبيرا بين من يرى بضرورة عدم حرمان العامة من اقتناء السلاح وبين من يرى بضرورة إعادة تنظيمه.

غير أن الأكيد أن الحاجة باتت ماسة لإعادة فتح القانون بثلاثة اتجاهات، الأول يهدف إلى ضبط اقتناء الأفراد الأسلحة، حيث قدر وزير الداخلية السابق سلامة حماد قبل أزيد من عام، أن أكثر من 10 ملايين قطعة سلاح بين يدي العامة، فيما الثاني يشدد العقوبة

على المهربين وعلى تجار الأسلحة غير المرخصة، والثالث تحديد الفئات الأكثر حاجة

للسلاح على أن يكون فرديا.

المفارقة، أن نوابا في مجلس النواب الماضي عارضوا بشدة تعديل القانون بذرائع مختلفة، فيما ما استدعى هذا المقال هو ما شهدناه من كثافة في إطلاق الرصاص من أسلحة مختلفة احتفاء أو اعتراضا على نتائج الانتخابات النيابية.

وعليه، فإنه بات مطلوبا من مجلس النواب التاسع عشر وضع القانون على جدول أعماله في دورته الأولى، وأن يكون النواب، وتحديدا من لم يلجأوا للاحتفال بالسلاح، جادين في مناقشته واضعين صوب أعينهم ضرورة ضبطه وتشديد العقوبة على المخالفين.

كما يجب أن يأخذ النواب بعين الاعتبار التطورات التي طرأت على المجتمع الأردني من حيث زيادة السكان بشكل متسارع، وما رافق ذلك من تطورات لها ارتباط بارتفاع مستوى الفقر والبطالة، والتي من شأنها أن تزيد نسبة الجريمة والتي قد تكون الأسلحة النارية عاملا حاسما في تطور نوعها ومستواها.

لذا لنا أن نتوقع أن هناك من سيحمّل فتح قانون الأسلحة والذخائر بعدا سياسيا بهدف تعطيله، وأن هناك من سيجد مبررات أخرى كما جرى أثناء عرض القانون على مجلس النواب السابق.

غير أن القناعة يجب أن تظل أن ما سيُعرض من مبررات ستكون غير منطقية، وأن الدولة قوية وليست بحاجة لأي من المواطنين لمساعدتها بالسلاح وقت الأزمات، بل كل ما تحتاجه هو الالتزام بالقوانين وليس غير ذلك.

لذا، فإن جائحة انتشار السلاح يجب القضاء عليها بتكثيف الرقابة الأمنية، وبإجراء تعديلات سريعة على قانون الأسلحة والذخائر.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات