بلال العبويني
يصر المسؤولون على انه لم تبحث حتى اللحظة نوعية الإجراءات التي من الممكن اتخاذها مع توالي ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا.
غير أن تواتر الأحداث والخوف من القادم يشي أن إجراءات تشديدية من نوع ما مقبلة لا محالة.
في دول مجاورة لجأت حكوماتها إلى إجراءات تشديدية من مثل تلك التي قمنا بها في الأردن كإغلاق دور العبادة كما العراق، والمدارس أو حتى تمديد الإجراءات الاحترازية المشددة كما في السعودية.
تلك الإجراءات، بطبيعة الحال، ليست منقطعة عن إجراءات اتخذتها دول عدة في العالم مثل نيوزلندا وأستراليا بلجوئهما إلى الإغلاق.
السلالة البريطانية، التي يؤكد الخبراء، أنها الأسرع انتشارا عملت انعطافة في مسار كوفيد – 19 التي اعتقد العالم أن بدء اعطاء اللقاح سيكون الخلاص من الجائحة التي سيطرت على العالم نحو أزيد من عام.
غير أن الأمور تعود، على ما يبدو، إلى سابق عهدها، ولا يمكن الخلاص منها إلا بضمان وصول اللقاح إلى كافة البشر بأسرع وقت ممكن وهو ما يستحيل تطبيقه في الوقت الراهن.
السلالة البريطانية وصلت الأردن، منذ نشرين ثاني الماضي، كما جاء في دراسة لعضو اللجنة الوبائية الدكتور عزمي محافظة، وهو ما يدعو إلى القلق إذا ما قورن بما يقال عن ضعف الالتزام بالإجراءات الوقائية التي ترافقت مع فتح تدريجي للقطاعات الاقتصادية.
أمس الأحد، تم تسجيل النسبة الأعلى بالإصابات منذ نحو خمسين يوما حيث سجل 2447 إصابة بفيروس كورونا، وبلغت نسبة الفحوصات الإيجابيّة قرابة 9.3%، وهي نسبة مرتفعة.
بالتالي، كيف سيتم السيطرة على الوضع الوبائي حتى لا نعود إلى المربع الأول؟، هذا السؤال هو الذي في ذهن أصحاب القرار على ما نعتقد في هذه المرحلة.
منذ أيام، كان القرار بأن يكون التعليم الجامعي عن بعد، غير أن التعليم المدرسي للمراحل الأولى يسير وجاهيا، وهو أيضا ما يطرح سؤالا دقيقا مفاده، كيف سيتم السيطرة على الفيروس في حين أن الاطفال قد يكونون الأقل قدرة على الالتزام بالإجراءات الاحترازية من لبس كمامة وتباعد وغيرهما؟
وهذا ربما يتولد منه سؤال آخر ومفاده، ألا يمكن أن يكون المدرسون لهذه المرحلة الدراسية عنصر إصابة ونقل للفيروس، في الوقت الذي لم نصل إلى مرحلة توفر المزيد من اللقاحات لتطعيم فئة المعلمين، وأيضا أليس الأطفال لديهم قدرة على نقل المرض؟.
من دون شك، صاحب القرار يقف اليوم على رؤوس أقدامه وهو ينظر إلى هذه المعادلة الصعبة، بين الحفاظ على جودة التعليم تحديدا للفئة الأساسية وبين الحفاظ على الصحة، وفي هذا أيضا ضغط مجتمعي بين من يطالب بالتعليم الوجاهي وبين من يخشى على نفسه وأطفاله من حمل الفيروس.
وكذا الحال بالنسبة للقطاعات الاقتصادية التي يئن الكثير منها منذ أزيد من عام تحت وطأة الإغلاقات المتكررة والخسائر المتراكمة، فمن زاوية الدولة والناس لا قدرة لديهم للعودة والجلوس في المنازل تاركين مصادر رزقهم مغلقة، ومن زاوية أخرى فإن الدولة والناس لا قدرة لديهم على تحمل المزيد من الفقد والإصابات نتيجة الفيروس.
ثمة من يقول إن الصحة مقدمة على الاقتصاد، وثمة من يعاكس ذلك، غير أن الأكيد أنهما لا ينفصلان عن بعضهما البعض، وهو ما يشكل العائق الأكبر أمام أصحاب القرار لاتخاذ القرار المناسب حول زيادة نسبة الإصابات وكيفية السيطرة عليها مع الموازنة بين فتح القطاعات الاقتصادية والسيطرة على الجائحة.
وهذا ما قد يفسر الاجتماعات الحكومية والأوبئة والأزمات خلال اليومين الأخيرين لتقييم الوضع الوبائي، دون ان تصل تلك الاجتماعات إلى قرار حول ماهية الإجراءات التي يمكن اتخاذها للسيطرة على الوضع الوبائي قبل أن يتفاقم وقبل أن يعود بنا إلى تسجيل أرقام بالآلاف.