أخبار حياة – بمساحة لا تتعدى 80 مترا، كانت البذرة الأولى لانتشار المساجد في مدن إيطاليا، كان ذلك مع عقد السبعينيات من القرن الماضي.
مدينة بيروجا، الخضراء الواقعة في وسط إيطاليا احتضنت تلك المساحة بجهود الطلبة المسلمين الذين آثروا على إيجاد تلك المساحة ليمارسوا فيها شعائر الدين الإسلامي.
غير أن الفضل أكثره يعود، لطبيب أردني هاجر مطلع السبعينيات ليدرس الطب في إيطاليا والذي شغل فيما بعد إماما لمسجد بيروجا على مدى أزيد من أربعة عقود.
الدكتور محمد عبداللطيف البرق، الأردني الذي ولد في جيوس الفلسطينية، يعد أحد المؤسسين الأوائل للعمل الإسلامي في مدينة بيروجا، استشعر وأقرانه مدى الحاجة لإنشاء المساجد لتلبي حاجة الطلبة المسلمين الذين قصدوا إيطاليا للدراسة.
غير أن الحاجة بدأت تزداد إلى إنشاء المزيد منها في مختلف مدن إيطاليا بعد مطلع التسعينيات من القرن المنصرم نظرا لتزايد تعداد العمالة التي بدأت تقصد إيطاليا للعمل، فضلا عن من يقصدها للدراسة.
بيد أنه ظل لبيروجا وقعا خاصا في احتضانها اول مسجد، وذلك لأهمية المدينة التي يجب على كل طالب أن يحضر إليها لتخطى حاجز اللغة الإيطالية، لذا كان لمسجدها أهمية قصوى ليست لإيطاليا فقط بل لأوروبا كلها، وفقا للدكتور البرق الذي صرح بذلك أكثر من مرة.
مع مطلع تسعينيات القرن الماضي، أصبحت الحاجة ماسة لمسجد أكبر مساحة، ليتم الانتقال منه إلى مقر بمساحة 320، ما ساهم في تأسيس المركز الإسلامي الثقافي الذي تُقدَّر مساحته بـ 1000م، ويقوم هذا المركز بخدمات لكل ما يحتاجه المسلمون.
بفضل الدكتور عبد اللطيف وغيره من الشباب المسلم، ارتبط المسلمون بعلاقات جليلة مع السلطات الإيطالية، مبنية على التفاهم والثقة والحوار الدائم.
وقد حرص محمد عبداللطيف البرق ورفاقه على توجيه أبناء الجالية المسلمة لاحترام القوانين الإيطالية، والالتزام بالأخلاق الإسلامية، وإظهار التعاون لمصلحة أبناء الجالية والوطن الذي يقيمون فيه؛ من خلال القوانين التي نحسب أنها عادلة ولا تهضم حق أي انسان موجود على الأرض الإيطالية.
لذلك، تعتبر الجالية المسلمة أطيافاً متنوعة في تواجدها ومن جميع الثقافات الأخرى، فتجد العربي والآسيوي والإفريقي والأوروبي، وبصفة عامة فإن أبناء الجالية المسلمة يحاولون العيش الشريف وإيجاد وظائف تفي باحتياجاتهم وأبنائهم، وقد كان هناك في بداية الهجرة وظائف شاغرة كثيرة استفادت منها الجالية، ولكن في الفترة الأخيرة وبحكم الأزمة المالية؛ أصبح هناك الكثير من العاطلين عن العمل، وذلك أثّر سلباً على حياتهم وعطائهم، مما أشغل بال المسلمين وخاصة مسؤولي المراكز في إيجاد حلول للجالية ومساعدتها.
بفضل جهود المسلمون الرواد في إيطاليا، فإن الدولة الأوروبية وصل فيها عدد المساجد اليوم إلى أكثر من 800 مركز ومسجد، يعود الفضل فيها بعد الله للدكتور محمد عبداللطيف البرق وأقرانه، وهو الذي ظل إلى جانب عمله في الطب مخلصا في نشر الدين الإسلامي في إيطاليا وظل على مدار أربعة عقود يعمل غماما لمسجد بيروجا، إلى أن فارق الحياة في 14 شباط الحالي.