مناقشة الموازنة: السياسات الاقتصادية تحت المجهر

باشر مجلس النواب، منذ الأحد الماضي، مناقشاته لمشروع قانون الموازنة العامة للعام 2021 تحت القبة، بعد أن عرض رئيس اللجنة المالية خلاصة قراءة اللجنة للموازنة وتوصياتها لعموم أعضاء المجلس.

وفي هذا السياق، وبقراءة متأنية لمقترح قانون الموازنة وخطابها، أستطيع القول إنه لا جديد في السياسات الاقتصادية التي ستطبقها الحكومة في العام الحالي للخروج من الأزمتين الاقتصادية والاجتماعية اللتين نعاني منهما.

كانت التوقعات أن تقوم الحكومة بإجراء تعديلات على سياساتها المالية منها من أجل دفع عجلة النمو الاقتصادي، للخروج من حالة الانكماش الاقتصادي الذي دخله اقتصادنا خلال العام الماضي بعد سنوات طويلة من النمو الضعيف.

لا جديد في التشخيص الذي قدمه خطاب قانون الموازنة، حيث الانكماش الاقتصادي وعجز الموازنة المزمن، والدين العام المرتفع والبطالة المرتفعة جدا وتوسع مساحة الفقر، الخلاف يظهر بوضوح في كيفية الخروج من هذه الأزمة المركبة، وفي الخيارات الاقتصادية التي يجب انتهاجها.

ما تزال الحكومة تعمل بموجب سياسات تعزيز الاستقرار المالي والنقدي وتحفيز الصادرات كما جاء في خطاب الموازنة، استنادا الى فرضية أن ذلك كاف وحده في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتحقيق معدلات نمو اقتصادي كافية لخلق وظائف جديدة.

هذه السياسات التي ستعمل بموجبها الحكومة، لم تكن كافية خلال السنوات السابقة للخروج من حالة التباطؤ الاقتصادي، ما أدى الى ارتفاعات متتالية في معدلات البطالة، الى أن وصلت الى 19.3 بالمائة قبل الدخول في حالة الانكماش الاقتصادي (النمو السالب) جراء جائحة كورونا، حيث وصلت الى ما يقارب 24 بالمائة، وهي من بين أعلى النسب في العالم.

الإصرار على تطبيق السياسات المالية ذاتها، رغم فشلها في إخراج اقتصادنا الوطني من حالة التباطؤ خلال العقد الماضي، بكل ما ترتب على ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة، أمر مستغرب، حيث ارتفاع معدلات الدين العام الى مستويات قياسية منذ ثلاثة عقود، الى جانب معدلات بطالة وفقر شديدة.

الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المركبة التي نعاني منها وتفاقمت جراء جائحة كورونا، بحاجة الى سياسات اقتصادية من نوع مختلف؛ إذ إن عجلة الاقتصاد لن تتحرك باتجاه وقف نزيف الوظائف وخلق فرص عمل جديدة من دون تحسين مستويات الاستهلاك المحلي.

إضافة الى أنه من غير المرجح أن تسير عجلة الاقتصاد للأمام بمعدلات نمو ملموسة والعبء الضريبي يجثم على صدره -الحكومة تقر بهذا العبء المرتفع وتقر بعدم عدالته- لذلك كنا نتوقع أن تقوم الحكومة بتخفيض مستويات الضريبة العامة على المبيعات بشكل يخفف من ضغوطه على الاقتصاد.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات