قرار الحظر والاغلاق في الأردن، وبالنسبة لأي مسؤول، هو قرار صعب، سيما وأن الدولة دفعت أثمانا كبيرة لتداعيات كورونا، في مجال التعليم وأخرى اقتصادية واجتماعية وإدارية،سببها الرئيسي هو قرارات الإغلاق والحظر، مما حدا بجلالة الملك ان يعطي توجيهات كثيرة بهذا الصدد، وطالب بفتح لكثير من القطاعات وتخفيف القيود عنها، ومتابعة الوضع الوبائي والالتزام بتحسينه وعدم تفاقمه في الوقت نفسه.
شخصيا؛ أتمنى لو انهض من النوم وأجد عمان عادت قرية وادعة، لا ضوضاء ولا صخب ولا (كهربا كمان)، لكن هيهات، فالمدينة تشكل نصف الأردن، وهي مركزه السياسي والاقتصادي وتنوء بحملها الكبير، وفيها ملايين من البشر، صمدوا، وخسروا كثيرا جراء كورونا وقرارات مواجهتها التي ما زال بعضها عصيا على الفهم، نظرا للنتائج التي حصدناها حتى اليوم، ولا اتحدث فقط عن الفيروس ودحره أو إبطاء انتشاره على الشكل المتوافق مع القدرات الصحية والاقتصادية الذاتية.. لكن عزاءنا أن هذه المدينة ورغم كل الصعاب، تنهض في كل مرة قوية صامدة صابرة.
العودة للحظر الجزئي فيها مغامرة كبيرة، وعدم اللجوء إلى شكل ما من الحظر أيضا فيه مغامرة، ويقف المسؤول في حيرة من أمره، فهو في وضع لا يحسد عليه بلا شك، حيث تتزايد معاناة الناس والبلاد كلها من آثار التراجع الاقتصادي، وفي الوقت نفسه تتراكم التحديات على صعيد التعليم وغيره، سوى الأمن (العام) ومديرياته، فهو يقوم بعمله بطريقة مثالية، بل ويقدم في هذا السياق أمثلة بناءة وملهمة (حتى للحكومات)، في مجال التخفيف عن الناس، وتسهيل كل الاجراءات اليومية المطلوبة من مختلف مديرياته ذات العلاقة.. وفي ظل لجوء الحكومة الى قرار الحظر الجزئي، تنتعش ظروف وبيئة الجدل والرفض لدى مختلف الجهات، وهذه أقل ردة فعل نتوقعها، فالحظر صعب على الجميع، والدولة نفسها هي الخاسر الأكبر، لكن هل هذه آخر خيارات الحكومة في ادارتها لأزمة صحية كبيرة؟!.
لا أريد أن أخوض في أشكال الحظر الأكثر ذكاء ومرونة كالتي تتم في الدول المتقدمة في كل شيء، لكن كان لدينا نموذج بسيط أثبت فاعليته، وبدا للمتابع بأنه (أخف بلاء) من غيره، وهو الحظر المتعلق بوقف حركة السيارات، والاقتصار على الحركة سيرا على الأقدام، وعلى الرغم من أنها طريقة خجولة في مجابهة فيروس يزداد شراسة، إلا أن فيها فوائد كبيرة، لعل أهمها نفسية وصحية، وكما قيل (الرمد ولا العمى)، وهي الطريقة التي اقترحها على سبيل (التجريب) أيضا، فلا شيء نخسره، حين نبقي على اشكال التفاعل اليومي كما هي في ظل الالتزام بالطبع بأوامر ومعايير السلامة وأدواتها والتباعد الجسدي، ويكون الحظر بأن نمنع حركة السيارات في يوم الجمعة وبعد الساعة العاشرة مساء من الأيام الأخرى، ونبقي على كل شيء سواها.