مدونة السلوك الوظيفي وأهمية الالتزام بها

مرة أخرى تبدو ملحة إعادة الحديث عن تقاطعات العلاقة بين الشخصيات السياسية التي تتولى موقعاً تنفيذياً والعلاقة مع رجال الأعمال وأصحاب المصالح وإلى أي مدى تتوافر إمكانية لضبط العلاقة في إطارها الاجتماعي والإنساني فقط بعيداً عن التوظيف والاستثمار.

لا نريد أن نجمل الأشياء، فالناس تجاوزت مرحلة الهمس وصارت تتحدث بصوت مرتفع عن العلاقات المتنامية في العقود الأخيرة بين رجال الأعمال والمسؤولين والنافذين في بعض المؤسسات المؤثرة. ولم يعد خافياً على أحد أن هناك بعض من ينظر للوظيفة العامة على طريقة إن هبت رياحك فاغتنمها وأن الفرصة قد لا تتكرر.

الحديث يجب أن يبقى عن حالات فردية وليست سائدة، ولكنها تتنامى. وإذا لم يتم ضبطها وإخراجها من دائرة الشكوك والريبة فإن هناك من يتصيد للدولة بكل مؤسساتها وليس الحكومات فقط، ويمكن أن ينطلق منها للتشويش على البلاد وهي تواجه اليوم تحديات كبيرة والأخطر أنه يعزز من مناخات فقدان الثقة بين الناس وحكوماتهم.

ولعل السؤال المهم أيضاً هو لماذا ينبري الكثير من أصحاب المصالح مع مؤسسات الدولة للاحتفاء بالمسؤولين وتكريمهم بينما يتهرب بعضهم من دفع الضريبة والالتزامات التي يفرضها القانون عليهم.

الغريب أن نفس هؤلاء يتجاهلونهم بمجرد مغادرتهم الموقع السياسي الذي منحهم النفوذ والتأثير بل ويبدأون بالإساءة لهم كأشخاص وقبل ذلك للموقع الذي يفترض فيمن تبوأه أنه من خيرة الخيرة كفاءة ووطنية وانتماءً وبعداً عن الشكوك كما تطالعنا الحكومات بالكورال المعتاد صباح مساء حتى كدنا نشعر أن بعضهم من جنس الملائكة لا البشر.

لطالما تحدثت الحكومة وربما منذ حكومة السيد سمير الرفاعي الأولى في العام 2009 وما تليها من حكومات عن أهمية الالتزام بمدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة العامة؛ ولكن تأثيرها بقي محدوداً وضمن الفئات الوظيفية الوسيطة والدنيا وغابت أو تم تجاهل تطبيقها على الفئة التي توصف بفئة المسؤولين السياسيين وصناع القرار وهم فئة الأمناء العامين والوزراء ومن في حكمهم من رؤساء هيئات ورؤساء مجالس إدارة ومن ينطبق عليهم رتبة وراتب الوزير.

من الأهمية اليوم وفي ضوء ما نسمع من شبهات تضارب مصالح وعلاقات بين المسؤولين ورجال الأعمال والاقتصاديين والمقاولين وهو ما ارتفعت وتيرة الحديث عنه في السنوات الأخيرة من خلال القضايا التي تحيلها هيئة النزاهة ومكافحة الفساد للقضاء حول شبهات تطال وزراء وكبار مسؤولين ونوابا وأعيانا، من الأهمية أن يعاد الحديث عن مدونة ملزمة للسلوك السياسي بحيث تنجز ويلتزم بها الجميع وتكون تحت أعين الجهات الرقابية وفي مقدمتها هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وديوان المحاسبة.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات