جميل النمري
لقد رأينا الملك غاضبا
كما لم نره من قبل وقد خاطب المسؤولين عموما بأقوى العبارات، فكيف نتعامل مع
اعلانه القاطع لا بل انذاره الحازم بأن كفى !! كيف نجمع بين الإجراءات العاجلة
وتلك بعيدة المدى لننته مرّة والى الأبد من المراوحة ووضع الأمور حقا وفعلا على
السكة، سكة التقدم والعصرنة والحكم الرشيد والكفاءة والفعالية والمشاركة
الديمقراطية والمساءلة والمحاسبة وخنق الفساد.
في مثل هذه الظروف، ما
بين الارتفاع الشرس لإصابات كورونا وفاجعة السلط
وعودة الاحتجاجات الغاضبة تصبح
ادارة الموقف امتحانا لا تحسد عليه أقوى الحكومات. كيف يمكن التوفيق ودون تلفيق
بين تحديات طارئة واستراتيجية؟ كيف يمكن فك اشتباك التزاحم والتداخل في الأولويات
لا بل تضاربها احيانا بين الفنّي والاداري والاقتصادي والسياسي، أو بين المتطلبات الاستراتيجية
والاحتياجات التكتيكية. وخذ مثلا الاستجابة لتحديات الاصلاح السياسي والاداري بعيد
المدى مع التحديات الفورية لمختلف القطاعات إزاء التفشي الخطير للوباء والمخاطر
التي تواجه الجهاز الصحي.
ثمّة إجرءات عاجلة
لاستدراك الثغرات الخطيرة التي صنعت فاجعة مستشفى السلط، لكنّا نعرف ونعي ان ماحدث
ليس مجرد مشكلة فنية معزولة بل ثمة
ما هو ابعد ويتمثل بواقع الترهل الاداري
المزمن للقطاع العام. والحال ان لدينا جزرا معزولة تمثل قصص نجاح تفش الغلّ لكنها تقع خارج السياق العام لحالة
التردي والفشل للبيروقراطية الحكومية. كل الادعاءات بالمشاريع والبرامج الخاصّة بالتطوير الاداري والتي أنشأنا من
اجلها وزارة تطوير القطاع العام ثم ادارة تطوير الأداء المؤسسي والسياسات في رئاسة
الوزراء مع وزير دولة على رأسها لم تكن الا طحنا للماء في نفس الإناء. وكل
الاستراتجيات على الورق وفي أجهزة الكومبيوتر والنماذج التي تنشغل وتتدرب المفاصل
الادارية على تعبئتها تنتهي هدرا للوقت والجهد على شكليات همها أن تقول « كل شي
تمام يا افندم» .