كنت -ولا فخر-أحد باعة الصحف في مادبا نهاية
الستينيات وبداية السبعينيات وما زلت أذكر صراخي الخجول في أزقة القرية التي تعتقد
أنها مدينة:
–الدستور…. الأنوار…. النهار….
مجلة العربي
– بصراحة…يكتبها محمد حسنين هيكل (مقال
أسبوعي تنشره أكثر من صحيفة). كان ذلك على الأغلب خلال العطلة المدرسية وأيام
العطل الأسبوعية (جمعة وأحد)، مع أني لم أكن تلميذا نجيبا في الأصل. ومن هنا بدأت
علاقتي بالصحافة. من الصراخ والدوران في الشوارع، مما أهّلني فيما بعد أن أصبح
صحفيا ابن شوارع أنتمي للناس والأزقة والخبز، ويمارس الصراخ المتاح في أزقة الوطن.
لم تكن الإشارات الضوئية قد وصلت الأردن بعد،
لكن صحيفة الدستور كانت بيّاعة في شوارع مادبا، وكانت تنال احترام مجموعات أو فئات
متنافسة أو متناحرة أحيانا، كان يشتريها الشيوعي والقومي والبعثي والإخواني، وكنت
أوصلها الى بعض مكاتب المنظمات الفلسطينية المنتشرة في المدينة والى بيوت بعض
الوجهاء.