بلال العبويني
يبدو هذا من أصعب الأسئلة التي يمكن أن تواجه المراقب أو حتى المسؤول، فلا أحد لديه إجابة عملية على السؤال، بل قد لا تجد أحدا لديه القدرة على الإجابة.
البلاد تعاني على كافة الملفات، في الصحة نحن حائرون وليس لدينا يقين بأي شيء، فالقيود بدأت أخف من قبل، في وقت تشهد فيه بعض دول العالم والمنطقة بطبيعة الحال إغلاقات وتخوفات من الفيروس المتحور الهندي الذي أعلنت الحكومة عن ثلاث إصابات محلية به.
الاقتصاد، يمر في أسوأ حالاته، ورغم الطلب المتكرر بضرورة المواءمة بين الصحة والاقتصاد، إلا أن الامر أشبه بالمستحيل، فليس لدينا يقين إلى أين نسير اقتصاديا، وكذا الحال سياسيا، فالإصلاح ورغم الحاجة الماسة إليه إلا انه “مكانك سر”، وقد يقول احدهم إن البلاد متخمة بالازمات ولا وقت للنظر إلى الاصلاحات السياسية.
في الإعلام، الأمر فوضى عارمة، ومشهدنا الإعلامي في الازمات يثير الشفقة، وهو كما المواطنين يتلقفون المعلومات من الإعلام الخارجي سواء أكان مؤسساتيا أم فرديا، وهو لا يلام بطبيعة الأحوال، فالقرار ليس بيده بل بصاحب المعلومة الذي يغلقها على الصحافيين ووسائل الإعلام المحلي في حين يفتحها على المؤسسات الخارجية.
الواقع، نعم يثير الشفقة غير أن أبرز ما نعانيه اليوم هو التوهان، فتشعر أن الحكومة حائرة تائهة، وأنه ليس هناك احدا فيها يشكل مرجعا تلجأ إليه وقت الحاجة لتستفسر منه حول الملفات الصعبة والضاغطة.
لماذا وصلنا إلى هكذا حال؟، هل الحق كله على كورونا؟.
بالتأكيد ليس كل ما نعانيه سببه كورونا، بل بغياب المطبخ السياسي الحقيقي، وبغياب القيادات الفاعلة والقادرة على اتخاذ موقف وقادرة على إطلاق رأي او الإفادة بنصيحة، فمن هم امامنا في كثير من الاحيان تشعر انهم موظفون يؤدون وظيفتهم ويغادرون بعد ان تنتهي ساعات الدوام.
لذا تشاهد كل ذلك الارتباك، فالتصريح اليوم يحتاج إلى تصريح توضيحي آخر، والقرار لا تشعر انه اتخذ عن دراسة وافية ومستفضية، ولا تشعر أن احدا أخذ بعين الاعتبار دراسة أثر القرار، أي قرار.
وعليه، نحن اليوم احوج من أي وقت مضى إلى الإسراع في انجاز الاصلاحات السياسية المطلوبة، احوج ما نكون إلى خلق قيادات حقيقية يصلح أن يطلق عليهم رجال دولة يعرفون ما الذي يتكلمون به ويعرفون ما القرار الذي يتخذونه وما هو الاثر الذي سيخلفه.
لذلك، نحن بحاجة ماسة إلى إعادة النظر وفق رؤية إصلاحية شاملة لآلية توزير الوزراء وإلى إعادة النظر في آلية تسكين كبار الموظفين على مقاعد المسؤولية، وإلى خلق مرجعيات حقيقية قادرة على إبداء الرأي والتفكير السديد وقت الازمات ووقت ما تستدعي الحاجة الماسة إليهم.
لذا، إلى أين نحن ذاهبون؟ ربما يكون واهما من يقول إن لديه إجابة مقنعة على هذا السؤال في ظل هكذا حال؟.