أخبار حياة – قال الوزير الاسبق مروان المعشر إنه يضم صوته إلى صوت الغالبية العظمى من المواطنين والمواطنات الذين يعولون على جدية محاولة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية. وإدراك الدولة الأردنية أن كلفة الإصلاح أقل من عدمه وإن الوقت اللامتناهي لتنفيذه ترفاً لم يعد متوافراً.
وأضاف المعشر في مقال له نشرته كارنيغي الشرق الاوسط بعنوان “غايات الإصلاح قبل الآليات”، الخميس، “دعونا نأمل أن تكون هذه المحاولة مختلفة هذه المرة”.
وتاليا نص المقال:
تحتاج العملية الإصلاحية في الأردن إلى تعريف الأهداف النهائية لها قبل الدخول في تفاصيلها.
أدى الإعلان عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في الأردن إلى ردود فعل متباينة، بعضها كان إيجابياً، والسلبي منها ناتج في الدرجة الأولى عن اتساع فجوة الثقة بين المواطن والدولة، وهو أمر مفهوم. جُلّ ردود الفعل السلبية تمحورت حول شعور عام بالملل والإحباط من تشكل لجان عدة ــ إحداها كنت قد ترأستها ــ وخطط يتم بلورتها ثم وضعها جانباً في مشهد كُرر مراراً في السنوات الماضية. على الرغم من ذلك، ما زال يؤمن البعض ــ وأنا منهم ــ أن لا مناص من تكرار المحاولة لأن الاستسلام للوضع القائم سيجلب نتائج كارثية على البلاد، وأن مجرد تشكيل اللجان الإصلاحية هو إقرار من الدولة بأن الازمات المتتالية التي تمر على الأردن لا يمكن حلها دون الولوج في عملية إصلاح شامل ومتكامل طال انتظاره.
لقد حُددت مهام اللجنة الملكية الأخيرة بـ”تحديث المنظومة السياسية” من خلال ثلاثة قوانين أساسية ناظمة للحياة السياسية تتعلق بالانتخاب والحياة الحزبية واللامركزية والتعديلات الدستورية ذات الصلة. في الواقع، هذا يعني أن اللجنة مُناطة بإخراج توصيات تُمثّل جزءاً فقط من عملية إصلاح شامل، ذلك أن الإصلاح المطلوب يتعدى عمل اللجنة ليُعالج مواضيع الإصلاح الاقتصادي والإداري والمجتمعي.
برأيي، يكمن خلل كثير من المحاولات السابقة لتعديل القوانين، وبخاصة قانون الانتخاب، في أنها تبلورت في غياب إطار شامل للإصلاح السياسي يُحدد الأهداف النهائية ومن ثم يُترجمها لقوانين. هذه القوانين تعمل كأدوات للوصول إلى هذه الأهداف بالتدريج، بما في ذلك أي تعديلات دستورية التي تكون وظيفتها مأسسة الإصلاحات المرجوة وجعلها عابرة للحكومات. بعبارة أخرى، لا معنى للحديث عن اعطاء المواطن صوتاً أو أكثر، دون الاتفاق على الأهداف التي يعمل على تحقيقها من خلال تحديث قانون انتخاب مثلاً، وبالطبع هذا الأمر ينسحب على كافة القوانين الأخرى المتعلقة بمجمل العملية الإصلاحية.
في الموضوع السياسي إذن، المطلوب من اللجنة الملكية أن تتفق على هذه الأهداف قبل الولوج في مناقشة وطرح تفاصيل أي قوانين جديدة لتنظيم الحياة السياسية في البلاد.
أزعم هنا أن الاتفاق على الأهداف النهائية جاء في خطط سابقة، أهمها الميثاق الوطني والأجندة الوطنية، وقد تم إما تجاهل هذه الخطط من الحكومات المتتالية أو الحكم عليها بأنها سابقة لأوانها قبل حل الصراع العربي-الإسرائيلي أو اتهامها من الشارع بأنها مستوردة من الخارج. ثم جاءت الأوراق النقاشية الملكية التي تماشت الى أبعد الحدود مع الميثاق الوطني والأجندة الوطنية، بل تميزت عنهما أنها خرجت من رأس الدولة، مما يجعل معارضتها من قوى الوضع القائم لذات الأسباب التي قوبلت بها الخطط السابقة، أكثر صعوبة. وقد حددت هذه الأوراق أهدافاً تصلح بامتياز لاعتمادها نبراساً لعمل اللجنة الملكية، كنت قد أفردت لها مقالة سابقة وأعاد جلالة الملك التأكيد عليها لدى استقباله للجنة الملكية قبل أيام.