هل صار بوسعنا الآن أن «نسدل « الستارة على آخر
فصول الربيع الذي أسميناه عربيا، ثم نقدم واجب العزاء للذين استبشروا به وراهنوا
عليه..؟.
ما حدث في تونس، «الاستثناء» العربي الأخير،
ربما يدفعنا إلى ذلك، أعرف أن البعض يتشوق لسماع مثل هذه الأخبار، وان آخرين
سيصابون بالصدمة حتى لو كان لديهم بصيص أمل، لكن ما يدفعني إلى المجازفة بمثل هذا
الاستشعار مسألتان: إحداهما تتعلق بما صنعته ثورات «الربيع» العربي من «انقسامات»
وحروب مدمرة داخل مجتمعاتنا، لا على صعيد النخب والقوى السياسية فقط، وإنما على
صعيد الشعوب أيضا، ومن أسف أننا وظفنا كل ما نملكه من موروث تاريخي وديني،
وتكنولوجي أيضا في «تمكين» هذه الانقسامات وتعميقها داخل تربة مجتمعاتنا، ومع أن
تاريخنا العربي لا يخلو من «فصول» المحن والفتن، إلا أننا هذه المرة، بما نملكه من
أدوات ومكدسات «حضارية» أنجزنا «محنة» غير مسبوقة، لدرجة أن ما فعلنا بأنفسنا
تجاوز ما فعله أعداؤنا بنا، وبأن ما كنا نظنه وعياً استعدناه، وحرية انتزعناها،
تحولا إلى «وهم» أغرقنا جميعاً، واستبداد من نوع جديد صنعناه بأنفسنا.