بلال العبويني
انطلق أمس في مجلس الأعيان قطار الحوار للإصلاح السياسي وعنوانه قانوني الانتخاب والأحزاب.
غير أن اللافت كان عنوانا بارزا وربما لم تكن المرة الأولى التي يظهر فيها وهو أننا نحتاج إلى قانون انتخاب يعبر عن الثقافة الأردنية، دون أي تفصيلات تشرح هذا المصطلح الذي ظل عاما دون تأطير.
في الواقع منذ قانون الصوت الواحد، لم يحظ أي قانون انتخاب بإجماع، بل إن الغالبية تعتبر أن قانون الصوت الواحد كان مقبرة الانتخابات النيابية بما أفرز من مجالس وما تسبب به من انتشار الهويات الفرعية الضيقة و”نواب البزنس” الذين لم يعبر كثير منهم عن الحالة الوطنية الجامعة بقدر التصدي لمصالح ضيقة وشخصية.
على العموم، ورغم أنه من المبكر الحكم على شكل قانون الانتخاب الذي ستفرزه الحوارات التي انطلقت أمس في مجلس النواب، إلا أن الملاحظ أن قانون الصوت الواحد يطل برأسه من جديد وإن كان يراد له أن يكون بشكل جديد أو عبر نسبة محددة.
نستدل إلى ذلك بما اقترحه رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز عندما قال بالإبقاء على الصوت الواحد قائلا: “نعطي مثلا 60% للدائرة الانتخابية، وهذا نموذج من النماذج التي ستدرس بالقانون، و(30-40) للقائمة الوطنية للأحزاب”.
وأيضا بما قاله نائب رئيس مجلس الأعيان سمير الرفاعي إن بريطانيا تعمل إلى اليوم بقانون الصوت الواحد.
قلنا إنه من المبكر الحكم على شكل القانون، لكن هذه الاقتراحات ربما تعطينا مؤشرات على ان قانون الصوت الواحد يطل برأسه وإن جاء بصيغ وأشكال مختلفة.
لذلك، إن سلمنا بمقولة الحاجة إلى قانون يعبر عن الثقافة الأردنية، فإن الأكيد أن قانون الصوت الواحد لم يعبر في يوم عن الثقافة الأردنية، بل أساء للثقافة الأردنية وزاد من تشتت المجتمع إلى أضيق نطاق واحدث الفرقة بين أفراد العائلة الواحدة وهذا ليس مبالغة ويمكن الاستدلال عليه بكثير من الشواهد.
اجتماع أمس ضم من بين الحضور، ممثلين عن أحزاب سياسية، وهنا يجب التوقف مليا للتفكير كيف يمكن أن ننتج قانون انتخاب يفرز شخصيات حزبية او ممثلين عن قوى وائتلافات سياسية.
إن انتاج كوتا خاصة للأحزاب والإئتلافات السياسية لتكون قادرة على إيصال ممثلين عنها لمجلس النواب، لن يفضي إلى التطور المنشود، لأن الكوتا في أصلها “بدعة” وإن كان هناك من يتحدث عن الكوتا الإيجابية ككوتا المرأة، لكن الأكيد ان الكوتا تتعارض ومبدأ العدالة الذي يجب على الأحزاب قبل غيرها الدفاع عنها لا ان تكرسها.
لذلك، الحاجة ماسة لمزيد من الحوارات العميقة والجادة كما ان الحاجة ماسة لتوسيع نطاقها لضمان اولا وجود أحزاب برامجية ذات جماهير قادرة على إيصال ممثلين عنها لمجلس النواب.
لأن التجارب السابقة عبر القوانين التي ضمت القوائم لم تساعد في انتاج حالة سياسية تحت القبة، بل سرعان ما انفض بعض من انضووا تحت القائمة الواحدة، حتى الحزبية منها عن قوائمهم بعد أن تمكنوا من الوصول إلى قبة البرلمان.
نعم نريد قانونا يعبر عن الثقافة الأردنية الجامعة، لا قانونا يساهم في تهشيمها، ونحتاج أيضا إلى قانون ينتج أحزابا حقيقية لا صورية.